
أصبح للعاطفة دورٌ مميّزٌ في نفس واقعة كربلاء وفي استمرارها، أدّى إلى إيجاد برزخٍ بين النهضة الحسينيّة والشيعيّة من جهة، وبين النهضات الأخرى من جهة ثانية؛ فواقعة كربلاء ليست قضيّةً جافّةً ومقتصرةً على الاستدلال المنطقيّ فحسب، بل قضيّة اتّحد فيها الحبّ والعاطفة والشفقة والبكاء.
فإنَّ الجانب العاطفيّ جانب مهمّ؛ ولهذا أُمرنا بالبكاء والتباكي، وتفصيل جوانب الفاجعة. ولقد كانت زينب الكبرى (عليها السلام) تخطب في الكوفة والشام خطباً منطقيّة، إلّا أنّها في الوقت نفسه تقيم مآتم العزاء، وقد كان الإمام زين العابدين (عليه السلام) بتلك القوّة والصلابة ينزل كالصاعقة على رؤوس بني أميّة عندما يصعد المنبر، إلّا أنّه كان يعقد مجالس العزاء في الوقت نفسه.
فإنَّ مجالس العزاء مستمرّة إلى يومنا هذا، ولا بدّ من أن تستمرّ إلى الأبد؛ لأجل استقطاب العواطف، فمن خلال أجواء العاطفة والمحبّة والشفقة يمكن أن تُفهم كثيرٌ من الحقائق الّتي يصعب فهمها خارج نطاق هذه الأجواء.
