
إنّ عنصر المنطق والعقل في هذه النهضة يتجلّى من خلال كلمات ذلك العظيم، فكلّ فقرة من كلماته النورانيّة الّتي نطق بها (عليه السلام)، سواءٌ قبل نهضته، عندما كان في المدينة، وإلى يوم شهادته، تُعرِب عن منطقٍ متين، خلاصته: إنّه عندما تتوفّر الشروط المناسبة، يتوجَّب على المسلم تحمّل المسؤوليّة، سواءٌ أدّى ذلك إلى مخاطر جسيمة أم لا.
وإنَّ أعظم المخاطر تتمثّل في تقديم الإنسان نفسه وأعزّاءه وأهل بيته المقرّبين؛ زوجته وأخواته وأولاده وبناته، إلى أرض المعركة وفي معرض السبي، قربةً إلى الله.
بناءً على ذلك، عندما تتوفّر الشروط المتناسبة مع هذه المخاطر، فعلى الإنسان أن يؤدّي وظيفته، وأن لا يمنعه عن إكمال مسيرته التعلّق بالدنيا والمجاملات وطلب الملذّات والخلود إلى الراحة الجسمانيّة، بل عليه أن يتحرّك لأداء وظيفته. فلو أنّه تقاعس عن الحركة، نتج عن ذلك تزلزلاً في أركان إيمانه وإسلامه، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «مَن رأى سلطاناً جائراً مستحلّاً لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يُغيّر عليه بفعلٍ ولا قول، كان حقّاً على الله أن يدخله مدخله»(1). هذا هو المنطق، فلو أنّ أصلَ الدين تعرّض لخطر، كما حصل في فاجعة كربلاء، ولم يُغيَّر ذلك بقولٍ أو فعل، كان حقّاً على الله أن يبتليَ الإنسان اللامبالي وغير الملتزم بما يُبتلى به العدوّ المستكبر والظالم.
____________
المصارد والمراجع
(1): الأزديّ، مقتل الحسين (عليه السلام)، مصدر سابق، ص85.


