
إنّ أبرز مميّزات صاحب البصيرة هو أنّه يصبح قادراً على تمييز الحقّ من الباطل، والصحيح من الغلط، وبين ما هو مستقيمٌ وما هو منحرفٌ، وما هو عدلٌ وما هو ظلمٌ، عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «الْخَيْرُ مِنْه مَأْمُولٌ، والشَّرُّ مِنْه مَأْمُونٌ، إِنْ كَانَ فِي الْغَافِلِينَ كُتِبَ فِي الذَّاكِرِينَ، وإِنْ كَانَ فِي الذَّاكِرِينَ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ»(1)؛ وذلك أنّ صاحبَ البصيرة مستقيمٌ في فكره وفي عمله.
يقول تعالى: ﴿أَفَمَن يَمۡشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجۡهِهِۦٓ أَهۡدَىٰٓ أَمَّن يَمۡشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَٰط مُّسۡتَقِيم﴾(2).
ومعنى الآية «منكِّساً رأسه إلى الأرض، فهو لا يبصر الطريق، ولا من يستقبله، ولا ينظر أمامه ولا يمينه ولا شماله، فيعثر كلّ ساعة، ويخرّ على وجهه؛ لوعورة طريقه، واختلاف أجزائه، انخفاضاً وارتفاعاً. فحاله نقيضُ حالِ مَن يمشي سويّاً؛ ولذلك قابله بقوله تعالى: ﴿أَمَّن يَمۡشِي سَوِيًّا﴾ مستوياً قائماً، يبصر الطريق وجميع جهاته، فيضع قدمه سالِماً من العثار والخرور ﴿عَلَىٰ صِرَٰط مُّسۡتَقِيم﴾، مستوي الأجزاء والجهة. وقيل: يُراد الأعمى الّذي لا يهتدي إلى الطريق، فيعتسّف، فلا يزال ينكبّ على وجهه، وأنّه ليس كالرجل السويّ الصحيحِ البصر، الماشي في الطريق، المهتدي له».
____________
المصادر والمراجع
- (1): الرضيّ، السيّد أبو الحسن محمّد بن الحسن الموسويّ، نهج البلاغة (خطب الإمام عليّ (عليه السلام))، تحقيق وتصحيح صبحي الصالح
- (2): سورة الملك، الآية 22.


