محور المقاومة

الكيان الصهيوني يقع في دائرة النار من جميع جبهات محور المقاومة

خلال 24 ساعة متواصلة، كان مركز الكيان يقع في دائرة النار الآتية من جميع جبهات المقاومة. وبينما كانت القيادات الإسرائيلية السياسية والعسكرية والاستيطانية تعيش «نشوة» ما بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله الشهيد السيّد حسن نصر الله، وتتصرّف على أنها أمسكت بالجميع من رقابهم، انهالت الصواريخ والعمليات الفدائية لتصيب مركز الكيان في تل أبيب ومناطق أخرى تشمل كل الكيان، ما أعاد الشعور بالقلق دفعة واحدة الى غرف القرار وإلى بيوت الإسرائيليين.

فيما سعى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الى التهديد بأنه سيقوم بردود كبيرة لاستعادة الردع من جديد.ما حصل، كان تقدم محور المقاومة خطوة الى الأمام، إذ إنه برغم كل الكلام الأميركي والإسرائيلي عن تراجع إيران عن خططها لدعم قوى المقاومة، وبأنها مردوعة بعد ما شاهدته في لبنان واليمن، ردّ الحرس الثوري الإيراني بعملية ضخمة، وبقصف صاروخي هو الأعنف في تاريخ الكيان، وذلك ردّاً على اغتيال رئيس حركة حماس اسماعيل هنية، والأمين العام الشهيد السيّد حسن نصر الله.

خلال ساعات قليلة، أعيد خلط الأوراق من جديد. حتى التهديد الإسرائيلي اللاحق على الضربة الإيرانية، فهو لا يمثل عنصراً جديداً في أدوات الحرب، كما هو موقف الولايات المتحدة التي جدّدت دعمها للكيان في مواجهة إيران. لكن الجديد الفعلي هو أن إيران قررت المضيّ في خططها، ونفذت وعيدها بتنفيذ ضربة صاروخية غير مسبوقة، لتكون النتيجة غير منحصرة في نتائج الضربة ميدانياً، بل في تثبيت انعطافة في المواجهة الكبرى القائمة مع كيان الاحتلال ورعاته.

ومن اتخذ القرار في إيران بتنفيذ الردّ، يعرف أن إسرائيل سوف تردّ عليه، وقد تساندها الولايات المتحدة في هذا العدوان. وقد يلجأ العدو الى توجيه ضربات لمنشآت تخصّ البرنامج النووي الإيراني، أو حتى الى مراكز إنتاج الغاز والنفط.

لكن ما لفت المراقبين داخل الكيان وخارجه، هو أن حالة النشوة التي عاشها الاحتلال جراء ما قام به ضد حزب الله، تعرّضت لانتكاسة كبيرة خلال دقائق فقط، حتى صار الحديث عن أهداف الحرب من إعادة الأسرى من غزة، وإعادة السكان الى الشمال، هدفاً غير قابل للتطبيق. وصار على العدوّ الاستعداد لما يسمّيه هو الحرب الشاملة مع كل جبهات المقاومة، من غزة والضفة، مروراً بلبنان والعراق وسوريا واليمن، وصولاً الى إيران، علماً أن العدوّ الذي يخشى انفجار الضفة الغربية، كان أمس على موعد مع عملية نوعية نفّذها مقاومان في قلب تل أبيب، وأدت الى مقتل ثمانية من المستوطنين، قبل أن يستشهدا.

ما حصل أن المستوطنين، في كل الكيان، اضطرّوا الى وقف احتفالاتهم بإنجازات لبنان، والعودة الى مربع القلق والخشية من توسع الحرب، وهم لا يحسبون قدرة جيشهم على حمايتهم، بل يحسبون حجم الضربات التي سوف يتلقّونها خلال الفترة المقبلة، وخصوصاً أن حزب الله انتقل خلال الساعات الـ 24 الماضية الى مرحلة المبادرة العملانية، موسّعاً دائرة القصف الصاروخي باتجاه مركز الكيان، ومستخدماً صواريخ من نوع جديد.

فيما لم تقدر قوات الاحتلال على تحقيق أي تقدّم على الأرض عند الحدود، واستعاضت عن ذلك بتوزيع أفلام للناطق باسم الجيش، يعرض فيها إنجازات مثيرة للسخرية، تعيدنا بالذاكرة الى ما كان الناطق نفسه يفعله على مدى شهور طويلة في غزة، حتى إن الصحافيين الإسرائيليين تندّروا بما فعله «الكذاب هاغاري» كما يصفه المعلّقون هناك.

ما يواجه حكومة العدوّ الآن ليس تحدّي القرار الاستراتيجي لقيادة محور المقاومة بالمواجهة. وإذا كان العدوّ لا يجيد سوى تنفيذ العمليات الإجرامية، كما يفعل في غزة منذ عام، وما يقوم به الآن في لبنان، فإن العقل المغامر الذي يسيطر على حكومة بنيامين نتنياهو وقياداته العسكرية والأمنية، قد يدفع بالمنطقة الى حريق كبير.

وإذا كان البعض قد قرأ في العملية النوعية لإيران دعماً لقوى المقاومة في لبنان وفلسطين، فإن الجميع ينتظر كيف ستتصرف الولايات المتحدة الأميركية مع الوضع المستجد، لأن ما تقوم به إسرائيل يجعل الولايات المتحدة مسؤولة بشكل مباشر عن الخطوات اللاحقة، بحيث لم يعد مجدياً لها تبرير أفعال إسرائيل بأنها دفاع عن النفس.

وما يحصل الآن يجعل أميركا تقف قبالة سؤال واحد: هل هي مستعدة للتورط مباشرة بالحرب، وهي التي تعرف أن إسرائيل غير قادرة على المواجهة وحدها. وبالتالي، هل واشنطن مستعدة كفاية وضامنة لقواتها ومصالحها المنتشرة في معظم دول المنطقة وبحارها؟

في هذه الأثناء، كان العدوّ لا يقدر على جمع المشهد، وبات مضطرّاً الآن إلى مراجعة حساباته، وخصوصاً على الجبهة اللبنانية، حيث شعر الجميع أمس كيف أعادت المقاومة الإمساك بكل ما يخص إدارة شؤونها، من آلية إصدار المواقف والبيانات حول ما يجري على طول الجبهة، وخروج قيادات من الحزب في تصريحات صحافية، كما انعكس الأمر على آلية التحكم بعمل وحدات المقاومة العسكرية، والتي عادت الى العمل بوتيرة مدروسة بدقة، وإطلاق رشقات صاورخية على مواقع عسكرية في عمق الكيان بطريقة مدروسة بعناية شديدة، لجهة تحديد عدد ونوعية الصواريخ، فيما عزّزت مجموعات المقاومة القتالية مواقع انتشارها على طول الحدود، حيث يعيد العدوّ البحث في سبل تنفيذ قرار الحكومة شنّ عملية برية ضد لبنان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى