آليات التبليغ في عاشوراء الحسين (ع) – حوارٌ مع سماحة آية الله الشيخ محسن الأراكي
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
إن الثورة الحسينية المباركة قديمةٌ حديثةٌ، قديمةٌ لأنها وقعت في زمن سابق على زماننا، ولكنها حديثةٌ لكونها حيةً ومستمرةً في قلوب محبيها والمرتبطين بها وكأنها تقع في الوقت الذي نتذكرها فيه، والمرتبطون بها هم وحدهم من يفهم هذا المعنى، ومن هذا المنطلق أجرينا حواراً مع أحد الرجال الذين فهموا حقيقة هذه الثورة المقدسة، وأحد أساتذة الحوزة العلمية في قم المقدسة، وهو سماحة آية الله الشيخ محسن الأراكي (حفظه الله تعالى)، وإن كان الحوار لم يُجِبْ فيه على بقية الأسئلة المعدة بسبب انشغال سماحة الشيخ وكثرة المراجعين له.
! بما أن الثورة الحسينية تعتبر منطلقاً وأساساً لكل حركة تريد أن تسير في الخط والنهج السليم، نريد أن نجري حواراً مع سماحتكم حول آليات تبليغ ثورة الإمام الحسين (ع) حتى تصل إلى الناس بالصورة الصحيحة والسليمة. وقبل الخوض في الآليات لو تتفضلون أولاً ببيان الرابطة بين ثورة الإمام الحسين(ع) وبين رسالة النبي(ص)، تفضلوا سماحة الشيخ.
* بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة على محمد وآله الطاهرين. لكي نجيب على سؤالكم لابد أن نتناول نقطتين:
النقطة الأولى: فيما يخص العلاقة بالثورة الحسينية والرسالة المحمدية (صلى الله عليهما)، رسول الله(ص) أرسله الله بالهدى ودين الحق وبلغ هذا الدين وأدى ما عليه، فأقام مجتمعاً إسلامياً تحكمه قيم الإسلام، فحقق كل ما أمره الله به من التبليغ وأداء الرسالة بياناً وتطبيقاً، وبذلك أنجز رسول الله(ص) مهمته كاملةً تامةً، سواءً على المستوى النظري أو على المستوى التطبيقي، غير أن الذي حدث بعد رسول الله(ص) كان من النوع الذي حدث لرسالات الأنبياء(ع) قبل رسولنا(ص)، فإن القرآن يحكي عن رسالات الأنبياء السابقين وكيف أن رسالاتهم حُرِّفَتْ نظرياً وتطبيقياً.
حُرِّفَتْ نظرياً بالكتمان أحياناً، ولذلك وردت آياتٌ كثيرةٌ في القرآن الكريم تبين خطر الكتمان {إِنَّ الَّذِيْنَ يَكْتُمُوْنَ مَاْ أَنْزَلْنَاْ مِنَ الْبَيِّنَاْتِ وَالهُدَى مِنْ بَعْدِ مَاْ بَيَّنَّاْهُ لِلنَّاْسِ فِيْ الْكِتَاْبِ أولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ الْلاَعِنُوْنَ}، وآياتٌ كثيرةٌ أخرى تشير إلى خطر الكتمان، كما أنها تشير إلى أن هذه المشكلة مشكلةٌ لم تنجُ منها رسالات الأنبياء السابقين(ع)،وخطر التحريف الآخر خطر أن يُضَافَ إلى الرسالة ما لم يبينه رسول الله(ص) والبدع والزيادات التي إنما ابتدعت لمصالح فئوية أو شخصية ولأهواء كانت تقود أصحابها إلى هذه البدع وإلى هذه الافتراءات على الإسلام وعلى رسوله.
والنوع الثالث من التحريف هو التحريف بالتبديل، أن تُرْفَعَ كلمةٌ قالها رسول الله(ص) وتُوضَعَ مكانها كلمةٌ أخرى.
والنوع الرابع من التحريف هو التحريف بالتفسير، أن يُفَسَّرَ القرآن بغير ما أنزله الله سبحانه.
هذه أنواعٌ أربعةٌ من التحريف أصابت رسالات الأنبياء السابقين(ع)، وكلها من النوع الأول من التحريف، يعني كلها من نوع التحريف النظري والتحريف البياني لرسالة الله سبحانه وتعالى.
والنوع الآخر من التحريف هو التحريف في التطبيق، أحياناً هنالك أحكامٌ بيَّنها رسول الله(ص) وهي بينة كان يتداولها المسلمون، رآها المسلمون ورأوا تطبيقها من قبل رسول الله(ص) وسمعوا تفسيرها، لكن الأهواء التي لعبت بعقول من جاؤوا بعد رسول الله(ص) جعلتهم يطبقون شيئاً يخالف سنة رسول الله(ص)، وأحياناً ينسبونه إلى رسول الله(ص).
هنالك حدثٌ معروفٌ نأتي به مثلاً – باعتباره معروفٌ في كتب التاريخ وكتب السيرة وكتب الحديث- أن معاوية بن أبي سفيان جاء ليحج فصلى صلاة الزوال في عرفة قصراً لما بلغه من أن رسول الله(ص) كان يصليها قصراً (لأن بين مكة وعرفة مسافةٌ) فاجتمع حوله بني أمية وقالوا: أخزيتنا لأن صاحبك كان يصليها تماماً (وهو عثمان)، وقضية عثمان قضيةٌ معروفةٌ، فإنه في سنة من السنين حال بين عثمان والصلاة حائلٌ فبعث إلى علي بن أبي طالب(ع) ليصلي بالناس صلاة الزوال في عرفة، فقال علي(ع) إنه سوف يصليها قصراً كما كان يصليها رسول الله(ص) لكن عثمان عزم عليه أن يصليها تماماً، فأصر علي(ع) على أن لا يتخطى سنة رسول الله(ص)، فأبى عثمان فقرر أن يصليها بنفسه كي يصليها تماماً على خلاف ما جرت عليه سنة رسول الله(ص).
نأتي بهذا كمثل لكي يتضح أن سنة رسول الله(ص) أحياناً أُخْطِئَ تطبيقها بالرغم من وضوحها، لم تُحّرَّفْ نظرياً لكنها حُرِّفَتْ عملياً،هذه أنواعٌ من التحريف أصيب بها الإسلام وأصيبت بها سنة رسول الله(ص) وأصيب بها القرآن أيضاً (طبعاً التحريف التفسيري والتطبيقي لا التحريف اللفظي)، وحينما جاء بنو أمية اتسع الخرق على الراقع من حيث التحريف، فعينوا أناساً يبتدعون القصص ويضعون الأحاديث وينسبونها إلى رسول الله(ص)،حتى أن معاوية بعث إلى المساجد كلها وإلى الأقطار الإسلامية، بعث إليهم قُصَّاصاً يقُصُّون القصة للناس قبل صلاة الجمعة وهؤلاء القُصَّاص كانوا يخلطون في قصصهم الحديث بالتاريخ والسيرة وينسبون الأشياء أحياناً إلى رسول الله(ص) على غير ما كان رسول الله(ص) قد قاله.
هذه الكمية العظيمة من التحريف من جهة، والتحريف التطبيقي من جهة أخرى، التحريف التطبيقي الذي أدى بالناس المسلمين الذين خرجوا على عثمان يوماً ما، اعتراضاً على أن عثمان لم يعدل واعتراضاً على أن عثمان لم يعمل بسنة رسول الله(ص)، هؤلاء الناس في زمن معاوية وفي زمن الأمويين، تغيرت أفكارهم، تغيرت نفوسهم بحيث خضعوا لحكومة مثل يزيد بن معاوية الذي كان يجاهر بالفسق، وكان يشرب الخمر، وكان يرتكب الفسق جهراً، وكان يقتل الأبرياء من الناس ويقتل صحابة رسول الله(ص).
فلو كان الحسين(ع) يسكت على كل هذا الذي يحدث، ولم يخرج ولم يثر، لأدى إلى تحريف سنة رسول الله(ص) تحريفاً لا يمكن لأحد أن يصل إلى صفوة سنة رسول الله(ص) بعد ذلك أبداً، يعني أن الحسين لو لم يثر لتبدلت السنة النبوية إلى سنة أموية، وعرفت سنة بني أمية على أنها سنة رسول الله(ص) سواءً على المستوى النظري أو على المستوى التطبيقي، ومعنى ذلك فناء الإسلام،ومعنى ذلك أن تنتهي الرسالة المحمدية انتهاءً كاملاً، وأن لا تبقى لها باقية، وهنا نجد أن العلاقة بين رسالة رسول الله(ص) والثورة الحسينية، أن الثورة الحسينية خلعت من الأمويين ثوب الشرعية أساساً وعرفت المجتمع الإسلامي بحقيقة الأمويين، وبعدائهم لرسول الله(ص) وبعدائهم للإسلام وبعدائهم للقيم الإسلامية، فأصبحت السنة الأموية سنةً منكرةً،وأصبح المسلمون كلهم ينظرون إلى بني أمية وإلى الحكام الأمويين نظرة العداء للإسلام، نظرة العداء لرسول الله(ص)، مما منعهم من أن يدسوا في الإسلام سنتهم أو أن يبدلوا سنن رسول الله (ص) بالسنن التي أرادوا أن يستبدلوا بها سنة رسول الله(ص)، ولهذا في اعتقادنا – والذي يدل عليه التاريخ، وتدل عليه نصوص التاريخ- أن الثورة الحسينية، هي التي حافظت على كيان الإسلام، وحافظت على سنة رسول الله(ص) نظرياً وتطبيقياً.
وأما في ما يخص النقطة الثانية وهي آلية تبليغ الثورة الحسينية، فتبليغ الثورة الحسينية لابد أن تقوم على أسس ثلاثة هي أهم الأسس التي لابد أن يقوم عليها تبليغ الثورة الحسينية.
الأساس الأول: فهم المضمون، يعني فهم مضمون الثورة الحسينية فهماً صحيحاً واعياً مطابقاً للواقع، وعلى أساس من المصادر الصحيحة، أن نفهم الثورة الحسينية من مصادرها الأصلية، الثورة الحسينية كما بينها أئمتنا(ع)، وكما حكاها لنا أصحاب الحسين، والذين شهدوا أحداث كربلاء والذين عاصروا الحسين(ع) واستطاعوا أن ينقلوا إلينا صفوة ما قام لأجله الحسين(ع) وما حدث في الثورة الحسينية.
الأساس الثاني: أن نكرم هذا المضمون بما ينسجم وحاجات العصر ومقتضياتها، يعني مضمون الثورة الحسينية مضمونٌ واسعٌ، في الثورة الحسينية دروسٌ كثيرةٌ، هنالك دروسٌ نحتاج إليها في عصرنا هذا لوجود مشاكل خاصة نستطيع أن نجد حلها في مضمون الثورة الحسينية وفي فكر الثورة الحسينية، لابد لنا أن نستخرج من الثورة الحسينية ذلك الفكر وذلك المضمون الذي يستطيع أن يلبي الطلب المعاصر وأن يجيب على أسئلة الإنسان المعاصر.
الأساس الثالث: أن نستخدم الأساليب والأدوات التي تحسن التعبير عن هذا المضمون، أحياناً المضمون مضمونٌ صحيحٌ، والفكرة فكرةٌ صحيحةٌ، لكن الأداة التي تستخدم للتعبير عنها تكون أداةً غير صحيحةٍ، إما لكونها قاصرةً أو لكونها أداةً تخلق حالةً من الإبهام في الفكرة التي نريد أن نعرضها، أو أنها تكون أداةً تثير ردود فعلٍ غير منسجمةٍ مع الفكرة، وردود فعلٍ غير منسجمةٍ مع المضمون.
على سبيل المثال التطبير، (بغض النظر عن حرمته أو جوازه، نفترض أنه جائزٌ – فرض-) لكن التطبير نعتبره آلةً لا تستطيع أن تبلغ للآخرين مضمون الثورة الحسينية بالطريق الصحيح، أقل ما يمكن لهذه الآلة أن تؤثر من المردود العكسي أنها تثير في أذهان الكثيرين أن الثورة الحسينية ثورة إراقة دماء في حين أن الثورة الحسينية كانت ثورة دفاع عن المظلوم وليست ثورة إراقة دم، بل هي ثورة المنع عن إراقة الدماء، يعني ثار الحسين(ع) على الظلم، ثار على أولئك الذين كانوا يهرقون دماء المسلمين بغير ذنب، ثار على المستكبرين، ثار على قاتلي النفوس المحترمة، في حين أن هذه الأداة يمكن أن تفسر بصورة معكوسة، وأن تعكس للآخرين أن الذين يتبعون الحسين(ع) أناسٌ لا يهمهم أ ن يهرقوا أي دم مهما كان ذلك الدم، سواءً كان دم ظالم أو دم مظلوم؛ لأنهم يهرقون دماء أنفسهم بغير ذنب، يهرقون دماء أنفسهم من غير سبب، فإذا كانوا يهرقون دماء أنفسهم بغير سبب فهم في إهراق دماء الآخرين من غير سبب أقدر وأشد إصراراً، ولذلك فهذه الآلة – بغض النظر عن كونها حراماً أو حلالاً – نجد أنها تسيء التعبير عن مضمون الثورة الحسينية، فلا بد من استخدام الآلة التي تحسن التعبير عن هذا المضمون.
! هذه الآليات التي طرحتموها، هل تختلف استخداماً عندما تستخدمها في البيت الشيعي والمجتمع الشيعي عنه في بقية المجتمعات السنية أو حتى المجتمعات الغربية غير المسلمة ؟
* لاشك أن الآلة – أو قل لغة التعبير- تختلف، كما أن لغات الناس تختلف فيما بينهم، فلكل بلد لغته، ولكل جماعة لغتها، كذلك اللغة الفكرية لغة الفكر ولا نقصد بهذه اللغة اللغة التي نقسمها إلى لغة عربية وغيرها، وإنما اللغة العلمية، اللغة التعبيرية، هذا الذي نقصده باللغة.
فالأداة التعبيرية ـ طريقة التعبير ـ تختلف من شعب إلى شعب ومن فئة إلى فئة ومن بيئة إلى بيئة، لعلنا لو استخدمنا طريقة تعبيرية في البحرين أو في إيران أو في العراق، يمكن لهذه اللغة التعبيرية أن تنقل المضمون بشكل صحيح، لأن المجتمع يفهم هذه اللغة ويفهم هذه الأداة التعبيرية، لكن هذه الأداة التعبيرية لو نقلتموها إلى مجتمع آخر قد لا يفهم هذا التعبير، على سبيل المثال أنا سمعت أنه في إحدى المراكز الإسلامية الشيعية في ليلة عاشوراء في لندن أقيمت مراسم العزاء ثم حسب العادة التي عندنا هنا أطفئت المصابيح وجعل الناس يلطمون، لكن الجيران الذين كانوا قد اطلعوا على هذا المشهد قد اتصلوا بالبوليس واشتكوا على أن هؤلاء اجتمعوا يضربون أنفسهم في الظلام، يعني القضية هكذا انعكست عندهم أن هؤلاء أناس اجتمعوا واختلفوا فيما بينهم فدخلوا في معركة لكم وضرب وفي جو مظلم فلا يعرف من يضرب من، وهذه نقلوها ثقات، ولكن سواءً أصحت هذه القصة أم لم تصح يمكن أن تكون مثلاً لسوء الفهم الذي سوف ينشأ عند الآخرين عندما لا يعرفون عاداتنا ولا يعرفون رسومنا، ولا يفهمون اللغة التعبيرية التي نفهمها نحن أحياناً، خاصة في ما يخص مضمون الثورة الحسينية.
فليس هنالك داع وليس هنالك سبب يدعونا إلى استخدام اللغة المبهمة، أو أن نستخدم الأداة التعبيرية التي سوف تترك أثراً سيئاً في نفوس المشاهدين الآخرين في البيئة الأخرى.
! شيخنا هناك بعض الناس يصرون على بعض الشعارات مع أنها ربما تسيء كما تفضلتم بحجة أننا نريد أن نحافظ على هذه الشعائر التي هي قديمة ومن زمن قديم ولابد أن نحافظ عليها وفي جميع الأماكن، فما هو جوابكم ؟
* الأدوات والأساليب التي اخترعناها نحن والتي لم ينص عليها الشارع هذه الأدوات والأساليب يمكن أن تختلف من زمن إلى زمن، لم ينزل الله بها من سلطان، فمثلاً نحن نصعد على منابر خشبية، ونرقى المنبر الخشبي، لو أننا استخدمنا مثلاً نفرض آلة أخرى لإيصال كلامنا، أو استخدمنا منبراً آخر، فهذا ليس تغييراً للسنة التي كنا عليها، إنما الأداة تختلف باختلاف الظروف وباختلاف الأزمنة، ولابد من أن نختار الأداة التي تحقق الهدف المطلوب من العمل الذي نقوم به ما دمنا نريد أن نوصل إلى الناس الآخرين رسالة الحسين(ع) ومضمون الثورة الحسينية وتبليغها، فينبغي أن نختار لهذا التبليغ أحسن الأدوات تعبيراً وأداةً في كل مجتمع وفي كل ظرف وفي كل مرحلة من مراحل التاريخ.
! بالنسبة إلى نفس المبلغ باعتباره الركن الأساسي لعملية التبليغ، ما هي أهم الصفات التي يجب أن يتوفر عليها المبلغ للثورة الحسينية ؟
* هنالك ثلاث صفات أهم ما ينبغي للمبلغ أن يتصف بها:
أولاً: شخصية المبلغ لابد أن تكون شخصيةً تنسجم مع أهداف الثورة الحسينية، يعني لابد أن تكون شخصية المبلغ متحليةً بالتقوى وبالهدى، فلا يمكن للمبلغ الذي يريد أن يبلغ رسالة الحسين(ع) ــ الحسين الذي ضحى بكل ما كان لديه من أجل الله سبحانه وتعالى ومن أجل نشر رسالة الهدى بين الناس ـ لا يمكن للذي يريد أن يحمل هذه الرسالة إلى الناس أن يناقض الشخصية الحسينية، لابد أن يتبعها ويقتدي بها، والحسين(ع) هو إمام الهدى وإمام التقوى، فلا بد أن يكون المبلغ متحلياً بالتقوى، وهذا أول شرط وأهم الشروط التي لابد أن يتحلى بها الإنسان المبلغ.
الصفة الثانية: لابد للإنسان المبلغ أن يتحلى بالعلم والثقافة على كلا المستويين فيما يخص الثقافة الإسلامية بشكل عام والثقافة الحسينية بشكل خاص، أن يكون مثقفاً في ما يخص الإسلام بشكل عام وفيما يخص الثورة الحسينية بشكل خاص، لابد أن يكون عالماً بالإسلام، بقيم الإسلام، بأركان الإسلام، بفلسفة الإسلام،بفروعه وأحكامه،ولابد أن يكون فاهماً وعارفاً بالثورة الحسينية،ومثقفاً بهذه الثورة، فاهماً لمضمونها، فاهماً لأحداثها، عارفاً بجزئياتها.
الصفة الثالثة: أن يكون المبلغ صاحب طريقة تعبيرية، يعني أن يكون قادراً على التعبير وأن يكون صاحب موهبة تعبيرية جيدة، لأن الشخصية الهادفة والعلم الغزير أيضاً لا يكفيان لأداء المهمة التبليغية، لأن المبلغ لابد أن يستخدم الأداة التبليغية لإيصال فكرته مهما كانت هذه الفكرة سليمة وعالية وجيدة، فما لم تعرض هذه الفكرة بالصياغة الصحيحة وبالصياغة المؤثرة وبالصياغة الجيدة لا يمكن لهذا المبلغ أن يقوم بدوره.
فهذه هي الصفات الثلاث التي لابد أن يتصف بها المبلغ، وإذا اتصف بهذه الصفات الثلاث يمكنه أن يقوم بدوره كمبلغ ناجح للثورة الحسينية.
! لو كان هذا المبلغ فاقداً لإحدى هذه الصفات أو كلها، فما هو الأصلح له؟ هل ينخرط في عملية التبليغ أم ماذا ؟
* لا يجوز له الانخراط، لا ينبغي للإنسان أن يتصدى لمسئولية لا يقدر على أدائها، لابد أن يمكن نفسه من الأدوات اللازمة للتبليغ.
نعم قد لا يكون متصفاً بالدرجة العليا من هذه المواصفات لكن الدرجة الدنيا من هذه المواصفات لابد أن يتحلى بها المبلغ.
! كلمةٌ أخيرةٌ
* الكلمة الأخيرة التي أود أن أقولها في هذا الحوار، هي أن الظروف التي نعيشها تجعل البشرية أحوج إلى رسالة الحسين(ع)، وعلى أتباع الحسين أينما كانوا مسئوليةٌ كبرى.
أولاً: في أن يتقنوا فهم هذه الثورة، مضامينها وأهدافها.
وثانياً: أن يتقنوا أساليب التعبير عن هذه الثورة وأدوات الإيصال لرسالة هذه الثورة وفكرها ومضامينها للناس أجمعين.
وثالثاً: أن لا يتساهلوا وأن لا يتسامحوا في العمل بمضامين هذه الثورة والاقتداء بالثورة الحسينية وقائدها وصاحبها الحسين(ع).
نحن مسئولون أشد من الآخرين لأننا علمنا وعرفنا وفهمنا، هذا الذي فهمناه هنالك الكثير لم يفهموه، مسئولية أولئك الذين فهموا الحق أشد من مسئولية أولئك الذين لم يفهموه، فعلينا نحن الذين عرفنا رسالة الحسين(ع) وفهمنا مضامين هذه الرسالة بمقدار ما فهمنا بمقدار ما عرفنا أن نعمل بهذه المضامين وبهذه التعاليم التي بشر بها الحسين(ع) بدمه وبتضحياته وبجهوده وجهاده، ونسأله سبحانه وتعالى أن يثبتنا على طريق الحسين وجده وأبيه وأمه وأخيه وأبنائه الصالحين الأئمة الطاهرين(ع)، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.