عرش الزهراء في مملكة النور
لقد واكبت السيدة الزهراء عليها السلام معظم مسيرة الإسلام التي قادها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشاهدت بأم العين كل المشاكل والمصاعب التي تحمّلها النبي صلى الله عليه وآله وسلم من المشركين بدءً من انطلاقة الدعوة في مكة المكرّمة إلى المعركة التي خاضها في مواجهة جيوش الكفر وجحافل النفاق في أحد التي جُرح فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفقد فيها حوالي السبعين رجلاً من خيرة أصحابه المقاتلين والمجاهدين ومنهم عمّه حمزة حيث كان للزهراء عليها السلام موقفاً ترك بصماته على صفحات التاريخ وذلك عندما هرعت إلى أرض المعركة لتواكب الحدث عن قرب ولتطلق صرختها الأولى في ميدان الجهاد والشهادة وتقف إلى جانب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتمسح بيديها المباركتين وجهه المدمى فتجسّد بذلك النموذج الأكمل لدور المرأة المسلمة في ساحة الجهاد ولم تقف الزهراء عليها السلام في مسيرة حياتها عند حدود معينة بل تجاوزت ذلك لتكمل هذه المسيرة بصرختها المدوّية الأخيرة عندما واجهت المسلمين المشاكل العديدة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وبهذا فتحت الزهراء عليها السلام الباب واسعاً أمام الثورة على الظلم والوقوف في مواجهة الباطل وعدم الركون والخنوع أمام الظالمين وكانت بارقة الأمل الأولى التي أضاءتها الزهراء عليها السلام في سماء الأمة نوراً اهتدى بها المجاهدون في سبيل الله ليحملوا هذه المشاعل ويحولوها إلى أقوى سلاح في مواجهة العدو الصهيوني. فتلاقت وامتزجت مواقف الزهراء عليها السلام مع قبضات وسواعد المجاهدين وأنتجت نصراً مؤزّراً. لم يكن ليتحقق لولا هذا المدد الذي استقيناه من مواقف الزهراء عليها السلام وجهادها وتضحياتها فكانت الأُنس الذي رافق أحلام المجاهدين وقادهم إلى تحقيق هذا العز والنصر وأصبح للزهراء عليها السلام عرش في قلب وعقل كل مجاهد وشهيد من مجاهدي وأبطال المقاومة الإسلامية.
فسلامٌ عليك أيتها الصدّيقة الطاهرة يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعثين حية.
والسلام
- سماحة الشيخ خليل رزق.