أدب المقاومة

سيمياء الحلم المرتقب!

أتيتك بالأصفاد فاخترمَ القصدُ *** وحبلُ وجيبي في غرامك ينشدُّ
وقد خانني وجهي وبيتي و قريتي *** و عن سُدّة الآمال طوّحني سدُّ
كمختبطٍ لمّا يخالط جُنّةً *** على جرفِ هذا الليل بعثره السهدُ
ألستُ إذا أبرمتُ مليون موثق *** يلولبني حبلٌ ويغلبني عقد ؟
يغالبُ عشقا لو تكشّف سترُه *** وشى بي فضاء في مفاوزه مدّ
به سفن الإيقاع تمخرُ أسطري *** متى عسفت ريحٌ ينزُّ بها البعدُ

فيا سيّد الدنيا أتيت ولهفتي *** كما الهيم لو يستكّ في سمعها الرعد
ويا لابسا مجد السيادة عمّة *** لها الفخرُ مملوك و نابضه عبدُ
ويا أيها الموعود غيثا و غيمة *** متى في سؤالات النوى يهطل الردّ؟
(أبا صالحٍ) لا أبلج الله نظرةً *** لضوئك لا تألو ويبلغها الجهد
(أبا صالحٍ) لا سدّد اللهُ خطوةً *** لنصرك ما رصّت أرومتها جندُ

أتيت شتاءاتُ الهموم قرينتي *** ومدفأتي الصفراء يقضمها البرد
وأرفو بأسمال الغياب قطيفة *** نما في خباها التّيمُ واستحكم الصرد
فلا أنا موصول ولا أنا واصل *** بغير يدٍ من شمس روحك تمتدًّ
وما لهفة الأوكار تسبق غصتي *** وما طيرها المذبوح أضنكه الصدُّ
لغير مراياك التي تستحثني *** وتسكبني شعرا كما الضوء يرتدّ
وفي مقلتي منفى وعيناك موطنٌ *** وللضدّ حكمٌ لو يساوره الضدٌّ

وما جئت وحدي بل كتيبة لوعةٍ *** وحشد من العشاق أغرقها الوجد
وكل عصافير الغناءِ بزورقي *** وتتبعني الأسماك والعشب والورد
وتلك أساطير النخيل جدلتها *** حكاية عشق ما تواترها سردُ
وأمشي كما العذراء بارح وشمُها *** وفارسها الموعود أخطأه العدّ
تبخّرت الأحلام بعضٌ معطّل *** وبعضٌ بلا قصد يشطُّ به القصد
وجئتك درويشا بعينيه قبلةٌ *** وعن كلّ شيءٍ غير قبلته زهدُ
وفي الروح شريانٌ يلمّ نجيعه *** وقد بُتِرتْ منه العزيمةُ و الجلد
أمشط ليل الحزن عشقا وحرقة *** فكلُ بكاءٍ ضمن قافلتي يحدو

وما جئتُ وحدي بل معيّة أمّةٍ *** بخافقها المفطور يعتلج الفقد
وهول أفاعيل و سفح نميمة *** وصخرة جهل دونما هدفٍ تعدو
وجبُّ دواهيها ينوءُ و قاعه *** تشجّر فيه الحقد وانمذق الودُّ
وتنعق فيها فلتةٌ جاهليّة *** وليس لها منها محيصٌ ولا بد
كغابة ظلمٍ بل غياهب ظلمة *** يتيه بها العقل المدبّر و الرشدُ
ومن وقرة التضليل داءٌ مقدّر *** وداهية طغماء خاثرها الزّبْدُ

تأمرك فيها الغيُّ حتى كأنما *** سحائبه السجّيل و الحجر الصّلد
وتصهلها نحو الدمار غوايةٌ *** بعولمةٍ بين الجريمة تحتدٌّ
فرهطٌ بإسرائيل دارت رحيّها *** إذا صفعت خدّا يدارُ لها خدُّ
وعُربٌ بكهف اليأس ذلا تحدّبت *** على شرفة المجهول فانسلخ المجدُ
فلا القدسُ تشفى من مياسم كيّها *** ولا الكلكلُ المصدور والأعين الرمد
ولا جرح دلمونٍ ولا نزف بصرةٍ *** فذي رسغها قيدٌ و ذي كفّها صفد
ولا كوّة منها البصيص مؤملٌ *** تقلّب في نعمائها السندُ و الهندُ
سوى ذروة أتلعتُ فيها مغادرا *** وقد شاقني من صوب عليائها بندُ
إلى قمة ما همت إلا بركزها *** فلا قبلها قبلٌ ولا بعدها بعدُ
نصبت طموحي في مدارج نورها *** وليس لها من صوب مرقبتي رصد

وأسألني لمّا سرى العمرُ هادرا *** وهيمنة الإفلاسِ ليس لها حدُّ
أسائلني والجسمُ نضوٌ بسقمه *** وبنيانه المرصوصُ بالشوق ينهدُّ
متى حبرةُ البشرى تعانق باصري *** ويستلبُ الألبابَ من نورها وقدُ؟
متى تصلت السيف الجموح فينتشي *** وقد ذاب شوقا من ترقبه الغمد ؟
متى بتلات الوعد تنفح عطرها *** ويثمر في أعذاق سائمها الوعدُ؟
متى نظرةٌ تحيي الموات بتربتي *** وعودُ نمائي في وصالك يشتدُّ؟
فقد طحن الجوعُ اللعوبُ مسالكي *** وعاق طريقي عن تجلّده أودُ
(أبا صالحٍ) إلاك تأبى غضاضتي *** فبرزخك النعماء والمنهل الفرد
تداركْ أخاديد الجفاف بمهجتي *** ففي خاطري جدبٌ ومن يدك الرفد
و لازال قلبي طفلةً بدويّةً *** وفرعون هذا العصر شيمته الوأد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى