المؤسسة الدينية في فكر آية الله الشّيخ عيسى أحمد قاسم
الملخّص: يسلّط الكاتب في هذه المقالة الضّوء على بعض شذرات الأب القائد آية الله الشّيخ عيسى أحمد قاسم فيما يرجع إلى المشاريع الرّساليّة، وبالتأمّل فيها يتطرّق إلى أهمّ أركان المشروع التّعليميّ وسبل فعاليّته، ثمّ يبيّن أهمّ العناصر الّتي ينبغي توفّرها في الرّساليّ والمشاريع الرّساليّة، ثمّ يختم بذكر نموذج للمشروع الرّساليّ النّاجح وهو المجلس الإسلامي العلمائيّ البحرانيّ.
تمهيد: حينما يمتزج الفكر بالاستضاءة الإلهيّة والتّجربة الإيمانيّة الحيّة، تكون الكلمات سديدة وتصبح منهلاً للحكمة ومحلّاً لفصل الخطاب، هي كلمات الأب القائد والمربّي آية الله الشّيخ عيسى أحمد قاسم الّتي تدخل القلب، وتملأ العقل، وتستثير الشّعور الحيّ؛ لما تملكه من عمق الفكرة، ودقّة العبارة، والتّجربة الصّادقة الحيّة.
نحاول أن نقف مع إطلالة موجزة وسريعة في رؤية سماحة الشّيخˇ حول (المؤسّسة الدّينيّة فيما لها وعليها)، علّنا نقترب ولو شيئاً من هذا الموضوع الّذي يحتاج إلى بحثٍ بشكل موسّع.
نتناول موضوع المؤسّسات الدّينية- بشكل عامّ- (المسجد والمأتم والحوزة وغيرها من المؤسّسات الثّقافيّة أو الاجتماعيّة).
الأسس والمنطلقات (المؤسّسة الدّينيّة) يؤكّد سماحة آية الله الشّيخ عيسى قاسم في العديد من كلماته ولقاءاته بالمؤسّسات والمشاريع الدّينيّة على أسس ومنطلقات رئيسيّة تحتاجها كلّ مؤسّسة ومشروع دينيّ ورساليّ: أوّلاً: الانطلاقة من فهم رسالة الإسلام من أجل التّوفّر على الرّؤية الكونيّة الصّحيحة للحياة والنّظام العادل فيها، نحتاج دراسة تعاليم الإسلام من خلال الفهم الواعي والأصيل، وتعظيم الدّين في النّفوس، مع السّعي العمليّ الجادّ نحو تطبيق الإسلام في جميع مجالات الحياة، وصولاً للدّعوة الخالصة إليه والذود عن حريمه بالبذل والعطاء، بهذه الأبعاد يمكن للمؤسّسات الّتي ترفع راية الإسلام أن تحمل أمانة الإسلام وأن تعتزّ بهويّتها الإيمانيّة وتدافع عنها وتضحّي من أجلها.
ثانياً: التّوفّر على الشّخصيّات الرّساليّة المؤثّرة وجود النّخبة الصّالحة المؤثّرة الّتي يقوم على عاتقها حمل أمانة الدّين وإقامته في حياتها، مع الالتفات لأهميّة تنشئة وتربية الجيل الصّالح المغيّر، وأن يتوفّر على (الحسّ الاجتماعيّ الغيريّ) كما يعبر سماحته بمعنى “ألّا يعيش لذاته وفي قوقعة ذاته، منحبساً في همومها وآمالها، وطموحاتها الضّيّقة، إنّما يعيش في حالة انفتاحٍ دائم على هموم الجميع، وحين يستهدف أن يطوّر فهو يستهدف لا أن يطوّر حياته فقط، وإنّما يأخذ على نفسه أن يطوّر مع ذلك حياة الآخرين، وإن كان لا تطوير لحياة الآخرين إلّا بأن تطوّر ذاتك وتطوّر حياتك، يأخذ على نفسه أن يغيّر ما حوله إلى ما هو أحسن من ذلك، وإلى ما هو أكثر تلاءماً مع دور الإنسان لما هو إنسان، ومع سعادة الإنسان في الدّنيا، ومع سعادته في الآخرة، أن يطوّر نفسه، أن يطوّر غيره، أن يطوّر كلّ أوضاع حياته، في الاتّجاه الّذي يتّجه بكلّ ذلك إلى الله، مقتبساً من جماله، وجلاله، وكماله”[1].
بناء الأمّة القويّة العزيزة كما يركّز سماحة الشّيخˇ دائماً في خطاباته على هدف استعادة الأمّة الإسلاميّة هويّتها المتميّزة وموقعها القرآنيّ المتقدّم، وأن تستعيد عزّتها وكرامتها في ظلّ الإسلام والقيادة الإسلاميّة، وفي مواجهة الهجمة الحضاريّة الجاهليّة الشّرسة على بلاد الإسلام.
وما للمؤسّسات الدّينيّة (المسجد والمأتم والحوزة والمؤسّسات.) من أهمّيّة في ممارسة دورها الحضاريّ المطلوب، من خلال العمل الجادّ المخلص والمنظّم، المستجمع لأسباب النّجاح والتّقدّم والعزّة، وأيضاً من خلال العمل الجماعيّ والمتعاون على الخير، والقيام بالمهام الرّساليّة من الدّعوة والتّربية والتّعليم وتصحيح الأوضاع الاجتماعيّة، كلّ ذلك انطلاقاً من فريضة (الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر)، الّتي طالما حثّ عليها القرآن الكريم وجعلها سبباً لصلاح الأمم والمجتمعات وتقدّمها، بل جاهد في سبيلها الرّكب الطّاهر من الأنبياء والأئمّة الأطهار^ والعلماء الصّلحاء والمجاهدين الغيارى . قال تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(آل عمران: 104).
وقال تعالى:{وتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}(المائدة: 2).
يقول سماحته الآخذون بالأمر الإلهي في هذه الآية قوام الأمّة وقلبها النابض وروحها الحيّة وخطّ دفاعها الأوّل ومصدر إشعاعها، والمتخلّفون عنها متخلّفون عن بغية الفلاح والنّجاح والهداية والكرامة إنّ تخلُّف أيّ عنصر من العناصر القادرة عن المشاركة بالدّرس والتّدريس، بالمحاضرة، بالنّدوة، بالوعظ والإرشاد، بالعضويّة الفاعلة في هذه المؤسّسة النّافعة أو تلك، بالإسهام الفكريّ، أو المالي، بالحضور، بالتّشجيع والدّعم والمساندة، بالمشورة، بتقديم الخبرة، بتكثير العدد في بعض المواقع، بطلب رفع المستوى الشّخصي بالدّرجة الممكنة في فهم الإسلام، وفهم الوظيفة الإسلاميّة، إنّما يعني تخلّفاً عن (نصرة واجبة) يحتاجها الإسلام كلَّ الحاجة فعلاً”.
فَلَمْ تعد مثل المشاركات الّتي مرّ ذكرها من الأمور التّطوعيّة المستحبّة فحسب، بل في الحالة القائمة اليوم حالة هجوم حادٍّ على كلّ الأبعاد، واستهداف شامل لهويّة الأمّة وبقاء الإسلام، لا يمكن صدّ الخطر إلّا بأن تجتمع كلّ الجهود والطّاقات بمختلف مستوياتها وأنواعها في جبهة المقاومة.
وماذا يؤخّر الإنسان المسلم عن الإسهام في المقاومة عن دينه وأمّته؟ بتصوّر أنّه لا خطر على الإسلام؟ هذا سذاجة.
بتصوّر أنّ الواجب واجب الآخرين؟ ويأتي السّؤال هنا: أين إسلاميّ، وأين إسلامك؟ بتصوّر كفاية المتصدّيين؟ لا تقدير دقيقاً في هذا الرّأي على الإطلاق. وهذه رؤية مضلَّلة.
أم من استخفاف بأمر الله سبحانه؟ إنّما هو استخفاف بالنّفس، وإضرار بها، وتعريضها لسخط الله القهّار الجبّار. أم من خوف على رزق أو أجلّ؟ لا رازق غير الله، وأجلُ كلّ نفس بيد بارئها، وليس غير الله من بارئ”[2].
أخلاقيّات العاملين في المؤسّسات الدّينية لا شكّ في أهمّيّة وفائدة العمل المؤسّساتيّ والجماعيّ المنظّم ودوره في تحقيق الغايات والأهداف الكبرى، وتجميع الطّاقات واستقطاب التّخصّصات والقابليّات الشبابيّة الواعدة وتنميتها، كما أنّه الأقدر على مواجهة التّحديات وصعوبات العمل عبر التّعاون الجماعيّ والمشترك ممّا يحقّق المزيد من الإنتاجيّة العالية والوصول إلى الغايات المنشودة.
وهذا يتطلّب من القائمين العاملين في المؤسّسات والمشاريع الدّينيّة التّوفّر على الأخلاقيّات والملكات العالية الّتي تساعدهم على القيام بالمهامّ الرّساليّة والإداريّة على أحسن وجه وأفضل أداء وأقلّ الإمكانات، إذ كما تحتاج المؤسّسات الدّينيّة للكفاءات الإداريّة المؤهّلة في إدارتها، تحتاج في صميم عملها إلى الأخلاقيّات الرّساليّة، والّتي تشكّل ضمانة لسلامة سيرها وفق الأهداف الرّساليّة.
يشير سماحة الشّيخ في كلمة حول واقعنا المؤسّساتي فيقول: “. يوجد تخلّف على مستوى وعي المسئوليّة والإحساس بها، والرّوح المعطاءة المضحّية، وأخلاقيّة العمل الاجتماعيّ، والإدارة والتّخطيط، والتّنسيق بين الأدوار، والتّكامل بين الأنشطة، وأيضاً نعاني من ضعف إداريّ كبير وراءه خلفيّة من قصور على مستوى الفعل لا الاستعداد، وخلفيّة من تقصير واضح، الجمعيّات وأنشطة المساجد والحسينيّات تقوم على أسلوب إداريّ من درجات مختلفة، ولكنّها في مجملها تتّصف بالتّخلّف الّذي قد يصل في بعض صوره إلى البدائية والفجاجة في الخبرة”[3].
التّوفّر على الأمانة الرّساليّة يقول سماحة الشّيخ: “إنّ حفظ الأمانة يحتاج إلى كفاءة من حسن عقل وقدرة، وحسن تدبير، وأقوى ما تحرز بها عفّة النّفس (تقوى الله وقوّة الدِّين) فمن عُلِم منه أنّه على تقوى من ربّه الحقّ¨ لا يُرتاب في عفّته وأمانته من هذه الجهة، وحُسن الدّين، وخشية الله، والصّفات الأخرى التي تُعطي الاطمئنان لأمانة المرء يُطلب العلم به عن طريق العشرة والتّجربة وملاحظة القرائن.
وانتصار شخص في تجربة أمانة من أنواع الأمانات لا يعني انتصاره في كلّ أنواع الأمانة ومستوياتها، كذلك الكفاءة المطلوبة متفاوتة بتفاوت الأمانات نوعاً ومستوى وظرفاً ودرجة خطورة”[4].
تتجلّى الأمانة الرّساليّة في أبعاد عديدة، أكدّ عليها سماحة الشّيخ في العديد من خطاباته نذكر منها: هدف الإخلاص لله تعالى لا الوجاهة والشّهرة إخلاص النّيّة لله تعالى يعّد الأساس الأوّل والأهمّ الّذي يقوم عليه أيّ عمل رساليّ ومؤسّساتيّ سواءً مع بدء العمل وفي أثنائه، فمن خلاله يستنزل العبد الّذي أخلص عبوديّته لله تعالى ألطاف كرمه ورحمته وتوفيقه.
“الشّخصيّة المؤمنة حركتها متمحورة ومستقطبة حول (مرضاة الله)، تفرّ من سخط الله إلى رضاه ولا حساب عندها للآخرين إلّا لله تعالى، عارفة واعية بذاتها وحجم إنسانيّتها، واضحة كلّ الوضوح غايتها من الحياة، على وعيٍ كافٍ من الدّنيا ووزنها، وتعرف ربوبيّة الله§ ولا تهمل أمر دنياها ولا تنسى أمر آخرتها .”[5]. “. لا بدّ أن تكون متأهّباً دائماً، وفي الخطّ الأماميّ دائماً، تسمع أوّل نداء لنشاط ثقافيّ إسلاميّ، أوّل نداء بنشاط اقتصاديّ إسلامي، لخدمة اجتماعيّة على الخطّ الإسلاميّ، فتتقدّم فرحاً أنت بايعت الله، بايعت رسول الله|، على أن يكون الثّمن الجنّة وليس الدّينار! وليس التّكريم الاجتماعيّ أيضاً.”[6].
وعي الأهداف الرّساليّة لا المصالح الذّاتيّة وهنا كلمات لسماحة الشّيخ “المشروع الإسلاميّ يهدف لخلق الشخصيّة المؤمنة على مستوى الفرد والمجتمع والأمّة، لذا علينا الإحساس بالمسؤوليّة أمام الله، وتوقير دين الله، وبضرورة الدّين، والإحساس بمسؤوليّة الدّين وتوصيله إلى العقول والنّفوس وتحويله إلى واقع حياة، تقدير الإسلام والشّعور بعظمته وأهميّته مسؤوليّة الخطط والمشاريع أن ترعى بُعد الرّوح وبُعد البدن، وأن تتماشى مع الإطار الحضاريّ الإسلاميّ، الّذي استطاع في يومٍ من الأيّام على الأرض وعاشته الأرض واقعاً مشهوداً حيّاً ملموساً، أنا ماذا؟ الإسلام قدّم حضارةً روحيّةً من أرقى الحضارات لأرض الحضارات وأسماها، وانتعش الوضع الاقتصاديّ في ظلّ رسول الله|، مطلوبٌ لأن أستحضر من أنا؟ ما هويتيّ؟ ما خطّي؟ ما حضارتيّ؟ طبيعيٌّ، المسلمون يضعون خطّتهم في إطار التّوجّه الإسلاميّ، والفهم الإسلاميّ للحياة والكون والإنسان والدّنيا والآخرة”[7]. ” بعد أن نتبصّر الطّريق، ونعرف صحّة طريقنا، وسلامة طريقنا، وأن خيارنا هو خيار الرّاشدين، وخيار صفوة الخلق من الأنبياء والمرسلين والأئمّة صلواته وسلامه عليهم أجمعين، حينئذٍ علينا أن نبذل بلا حساب، وبلا توقّع جزاء من أحد إلّا من الله.
حارب النّفس إذا طلبت منك أن تبحث عن ثمن من شهرة، من إعجاب الآخرين، من تصفيق، من جائزة دنيويّة، فلنطلب ثواب الله تبارك وتعالى.
ثمّ إنّها وظيفة شرعيّة لمن آمن بالله تبارك وتعالى ورسوله|، وهي الحفاظ على الإسلام”[8].
“حين تختار أيّ جمعيّة شعار أنّها جمعيّة إسلاميّة يفرض عليها هذا الأمر واجب أن يكون أعضاؤها يفهمون الإسلام، يعيشون الإسلام، يطرحون الطّرح الإسلاميّ، يخلصون للإسلام، يتحرّكون على خطّ المصلحة الإسلاميّة”[9].
مراعاة النّاحية الشّرعيّة في الخيارات الفرديّة والاجتماعيّة من الأمور الّتي يحرص على التّأكيد عليها سماحة الشّيخ هي الانطلاقة من مرجعيّة الفقيه ومن خطّ الفقهاء الّذي يحدّد الحكم الشّرعيّة فيما هي الوسائل والأدوات الّتي تواجه العاملين في المؤسّسات والمشاريع الدّينيّة، وفي اتّخاذ المواقف في المنعطفات المصيريّة، وهي مسألة بالغة الأهمّيّة لضمانة عدم الزّيغ والانحراف، وسلامة الخطّ والتّوجّه لدى المؤسّسة والجماعة.
“مرجعيّة جمعيّاتنا الإسلاميّة لا بدّ أن تكون منتهية إلى خطّ الفقهاء لتنتهي إلى مرجعيّة الأئمّة^ إلى مرجعية رسول الله| إلى المرجعيّة الحقّ الّتي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها مرجعيّة الإله العظيم؛ الله، المرجعيّة هنا مرجعيّة مدرسة وليست مرجعيّة شخص، كلّ المسلمين –الملتزمين بالإسلام– مرجعيّتهم الإسلام، ومن رأى أنّ له مرجعيّة تنتهي لغير الإسلام فهو –على إسلامه– ليس بالمسلم الحـقّ الملتزم “[10].
“قادتكم الفقهاء، لو انقطع سلك الفقهاء جيلاً أو جيلين لانتهت هويّة الأمّة، لانمسخت الأمّة مسخاً كاملاً، لضلّ النّاس لتاهوا لا يوجد عندنا معصوم غير الإمام المنتظر#، ولكنّ الفقهاء في مجموعهم وفيما يجمعون عليه من خطّ الله وليس في الأحكام الفرعيّة، الفقهاء الموجودون – أقصد – حين يجمعون، تجمع كلمتهم على رأي واحد ففي الغالب في الأكثر إن لم يكن دائماً، أنّ هذا الرّأي هو رأي الدّين ولا يكاد يضلّ رأي الفقهاء جميعاً عن رأي الدّين ولستم واجدين أيّ فئة في المجتمع ترقى إلى مثل هذا المستوى وفيها مثل هذه الضمانة أبداً فاعرفوا قدر فقهائكم، وارتبطوا بخطّهم، فهم النّواب؛ نواب إمامكم المعصوم وأئمّة أهل البيت^، هم الّذين اختاروهم لكم وأوصوكم بهم وأوصوهم بكم”[11].
أهمّيّة التّعاون والتّكامل لا التّشتّت والتّمزّق ومن أكثر المسائل التي يحثّ عليها الشّيخ باستمرار الوحدة والتّعاون والتّكامل في العمل ويحذّر من حالة الخلاف والتّشتّت والتّشرذم سواء داخل الصّفّ الواحد أو المؤسّسة الواحدة، وهنا ليس الكلام في اختلاف الآراء الّتي تحكمها الأسس الشّرعيّة والموضوعيّة، ولكن نقصد الخلافات البينيّة الّتي تؤدّي إلى أن يسعى كلّ طرف لإسقاط الطّرف الآخر، أو مشاريع تمزّق بعضها الآخر.
من كلماته في هذا الجانب يقول: “التّعدّد مرّة يكون مدروساً، ومرّة يكون ارتجاليّاً، ومرّة يكون انفعاليّاًإذا كان تعدّدٌ فهو التّعدّد المدروس وليس التّعدّد الارتجاليّ، والأخسّ منه التّعدّد الانفعاليّ.
تعدّد الجمعيّات من منطلق الانفعال لا شكّ أنّه مضرّ من موقع الارتجال أيضاً مضرّ إذا كان هناك تعدّد فهذا التّعدد لا بدّ أن يكون مدروساً ومقدّراً تقديراً دقيقاً، التّعدد مرّة يكون تنوعيّاً ومرّة يكون تكراريّاً لا نقف مع التّعدّد التّكراريّ، ويمكن أن نقبل بل ندعو إلى التّعدّد التّنوّعي.
التّعدّد مرّة يكون مع التّنسيق ومرّة يكون مع التّضاد والمواجهة لا بدّ أن نكون مع التّعدّد حين تقتضيه الظّروف وتعدّد الوظيفة ولكن مع التّنسيق، أما التّعدد مع المواجهة فلا بدّ أن تدرس أيّ حالة من حالات المواجهة لتُسقَط الجمعيّة المضرّة، ويقف المجتمع مع الجمعيّة الأخرى الّتي تقف موقفاً أقرب إلى الإسلام.
مرّة يكون التّعدّد مع توفّر القابليّات ومرّة مع ندرتها إذا جاز الأوّل فلا يجوز الثّاني.
وكذلك لا بدّ أن تلاحظ الإمكانات الأخرى من إمكانات ماليّة وإمكانات من نوع آخر، فإن كانت الإمكانات تسمح بالتّعدّد عند وجود المقتضي أساساً قبلناه وإلّا فلا تعدّد”[12].
“الفريق المتناصح هو الّذي يسعى لخيره وخير غيره ودرء السّوء عنه وعن غيره، والتّنبيه عن الخطأ بروح تناصحيّة، أمّا تعدّد المشاريع الّذي يوجب التّشتّت فهو حالة مرضيّة تنشأ من الزّعامة، فقدرتنا على العمل ضمن فريق واحد لا زالت هابطة .”[13].
“لا بدّ من تكامل المؤسّسات الّتي تشارك في حلّ المشكلات الاجتماعيّة، ولا بدّ من توافر مؤسّسات أخرى وتكامل كلّ المؤسّسات سياسيّة وثقافيّة واجتماعيّة لتشارك في حلّ المشكلات المتنوّعة لهذا المجتمع.”[14]. “غياب التّنسيق بين كثير من مواقع العمل وألوان النّشاط في إطاره العامّ، يجعل مشاريع عملنا مكرّرة ومتصارعة ومتشرذمة.
“[15]. “أيّ جمعيّة إسلامية – تصدّعها وتشقّقها وانقسامها ربّما أحدث انقساماً في المجتمع وتصدّعاً وشرخاً، فالمجتمع له حقّ أن يطالب أيّ جمعيّة إسلاميّة بأن تعمل على سدّ أيّ باب من أبواب هذا التّمزّق وهذا التّبعثر والتّصدّع والانقسام.
ليس من حقّ أيّ جمعيّة ولا من حقّ أيّ تيار في أيّ جمعيّة أن يحدث شرخاً، وأن ينقسم ما لم تكن هناك ضرورة واضحة جدّاً تستطيع أن تقنع المجتمع بأن هناك موجباً لتأسيس جمعيّة أخرى.
نحن نطالب جمعيّاتنا الإسلاميّة بالتّماسك وبأن تبني نفسها متينة، وبأن تبقـى الأخـوّة فيها صـادقة، وتتحاشى كلـّما أمكن أيّ انقسام خطير.
وسيحاكم المجتمع أيّ انقسام، وستكون له كلمته الحاسمة في هذا الانقسام”[16]. قوّة الإرادة والصّبر، وسعة الصّدر لقبول النّقد يحتاج العمل المؤسّساتي في استمراريّته إلى قوّة الصّبر وتحمّل المعاناة والعوائق الّتي تواجه المؤسّسة أو العمل، فالأمور الكبيرة لا تنجّز في يوم وليلة، كما أن الحضور بين النّاس واستماع همومهم وآلامهم لا بدّ وأن يلازمه سعة الصّدر ومداراة النّاس، وقبول حالة النّقد والمحاسبة، خصوصاً إذا كان النّقد موضوعيّاً وكان له أثر في تطوير المؤسّسة وإصلاح عيوبها.
يقول سماحته: “إنّ المعرفة والوعي ضروريان؛ إلّا أنّهما لا يكفيان، فلا بدّ من وجود إرادة تؤهّل الشّخصيّة المؤمنة لحمل المسؤوليّة؛ فالإنسان المسلم إنسان مريد؛ لأنّ الإسلام مسؤوليّة وجهاد وطريق صعودٍ، وبما أنّ الإسلام تحريك وسموّ فهو يحتاج إلى إرادة قويّة تصنع من خلال المواقف، المكابدة، المعاناة والمجاهدة .”[17].
طلب الأجر الأخرويّ لا المكسب الدّنيويّ يقول سماحة الشّيخ في هذا الصّدد: “.
لو أعطيت الدّنيا كلّها أجراً على حلّ مشكلة فقراء، لحلّ مشكلة اجتماعيّة، لرفع ظلم وما إلى ذلك، لو أعطيت الدّنيا كلّها ستستفيد منها بمقدار طاقتك وحاجاتك الضّرورية ثمّ تفارقها، صدّقني بأنّ الأجر على هذه الممارسة، إذا كانت جنّة الخلد، هذا الثّواب أكبر من الدّنيا؟ أو ليس أكبر من الدّنيا؟ يمكن عمل صغير، (أقول) من أعمال البرّ والإحسان، من الأعمال الصّالحة من الصّالحات الطّيّبات، ممّا هو طيّب عند الله، ومسح دمعة اليتيم، وتفريج كربة المكروب، ورفع الظّلامة عن المظلوم، وإنعاش الملهوف، وتعليم الجاهل، وهداية الضّال، وأعمال من هذا النّوع من الأعمال الطّيّبة الصّالحة ستجد نفسك في يومٍ من الأيّام وقد خلَت يداك من كلّ شيء أنت أحوج ما تكون إلى واحد من هذه الأعمال فضلاً عن عددٍ منها”[18].
التّوفّر على الكفاءة الإداريّة وضوح الأهداف والأولويّات المؤسّسات الإسلاميّة في المجتمع نوعان: ثقافيّة في الغالب، وسياسيّة وهي أقلّ: الأولى: للحفاظ على الإسلام وتنمية الوعي الإسلاميّ، والارتباط بالنّاحية الشّرعيّة في الخيارات الفرديّة والاجتماعيّة، من الضّروري جدّاً التّحضير التّربويّ الإسلاميّ قبل التّحضير السّياسيّ، وضمان مجتمع يتّجه اتّجاهاً إسلاميّاً قبل الحديث الخاصّ بالسّياسة.
والثّانية: للعمل السّياسيّ الدّستوريّ القانونيّ، ومن مسؤوليّة هذا النّوع من المؤسّسات إلى جنب ما يطالب به من حقوق سياسيّة وينمّيه من خبرة وقدرة على الممارسة النّاجحة في هذا المجال، أن يثبّت الخيار الإسلاميّ ويرجّحه في نفوس المنتمين إليه وكذلك سائر أبناء المجتمع.[19]. التّخطيط والإدارة النّاجحة .
الإدارة تخطيط على المدى الطّويل والقصير، وتفتيت للهدف الكبير إلى أهداف جزئيّة تفرض خططاً مرحليّة تؤدّي في النّتيجة إلى تحقيقه، وهي مراقبة ومتابعة وتوجيه مباشر وغير مباشر، وتصحيح وتقويم، وبعث وتنشيط، وإلمام وتحكّم بكلّ صغيرة وكبيرة في مجموعة الأنشطة والفعاليّات الّتي تشارك بمجموعها في إدارة هدف واضح واحد مقصود مسبقاً في تخطيط قائم على الدّراسة والتّدقيق والموازنة والتّقدير، كما أنّها جزاء من جنس العمل.
الإدارة إطلاق طاقات عديدة بنّاءة مختلفة وتفجير لها، ووضع لكفاءات متعدّدة ومتنوّعة في نسق واحد مرسوم في ضوء خطّة عقليّة واحدة توظّف هذه الكفاءات من أجل هدف واحد تبصر عين المركز الإداريّ، ويعيه سمعه ويقترب منه خطوة عن طريق هذه الكفاءات المتكاملة الّتي يُسند بفضل التّنسيق بعضها بعضاً، ويمهّد بعضها لبعض وتؤثّر مجتمعة في تحقيق المطلوب.
والإدارة لا تعني طاقة فريدة تغني عن كلّ الطّاقات، أو فوق كلّ الطّاقات، وإنّما تعني طاقة ذات كفاءة فنّيّة خاصّة تستطيع أن تحرّك طاقات الآخرين، وتدفع بها وتنشّطها وتنظّم جهودها لتصبّ مجتمعة ومتكاملة في صالح هدف واحد محدّد مرسوم.
فهي لا تعني كلّ شيء على طريق تحديد الهدف المطلوب، وإنّما هي عنصر مهمّ بين عناصر أخرى ومنها وجود القوى المستجيبة المتعاونة المنفّذة، ولولا التّعاون والاستجابة والتّنفيذ من هذه القوى لما كان للإدارة النّاجحة أن تحقّق أهدافها.
للتّخلّف الإداريّ الفعليّ أسبابه الموضوعيّة الّتي منها:
1ـ أنّ الكفاءة الواحدة الّتي يمكن لها أن تنتج بنجاح في حقل أو أكثر قد يريد لها صاحبها أو يريد لها غيره أن تقوم مقام ألف كفاءة.
وقد يكون للشّخص أكثر من كفاءة لكنّه يحتاج مع ذلك إلى أكثر من وقت، ويستحيل عليه أن يتوفّر على كلّ الوقت الّذي تتطلّبه جودة الإنتاج في المهمّات المتعدّدة.
والشّحّ في كفاءات السّاحة لحدّ الآن يحمّل أشخاصاً في مواقع الإدارة من الاهتمامات والمهمّات ما يربك عملهم ويؤثّر على جودة إنتاجهم في مختلف المسارات.
والشّخص الواحد وإن أمكن أن يكون أكثر من شيء ناجح، وأكثر من كفاءة منتجة إلّا أنّه لا يمكن أن يكون كلّ شيء وناجحاً على الإطلاق ولو من جهة محدوديّة الجهد، والوقت على تقدير تعدّد قدراته الخاصّة، وتمتّعه بقدرة عامّة متميّزة.
2ـ عدم التّخصّص في فنّ الإدارة، أو التّخصّص الفاقد للمقوّمات الأخرى المتّصلة بالعمل الإسلاميّ من إخلاص ورساليّة وثراء فكريّ في إطار الإسلام.
3ـ حداثة العمل المؤسّسي الإسلاميّ، وتعرّضه للحجر والتّعطّل لمدّة طويلة ممّا لم يسمح بتنامي الخبرات وتراكمها من خلال كثافة التّجارب وتنوّعها.
4ـ عدم الاستقراء بدرجة مستوعبة للكفاءات النّاجزة في السّاحة وتفعيلها.
5ـ قلّة التّجارب وضعفها على مستوى العمل المؤسّسيّ أفقد الكثير من القدرة على التّفاعل الاجتماعيّ في إطار العمل المشترك، وأضعف روح وأخلاقيّة العمل في صورته الاجتماعيّة الّتي تقوم على التّحلّيّ بالصّبر والاستجابة للقرار الإداريّ، وقبول الاختلاف في الحدود المعقولة، وتجاوز الأنا بالمقدار الّذي لا يعطّل انسيابيّة العمل المشترك وتحقيقه لأهدافه.
تحتاج الإدارة النّاجحة في تحقيق أهدافها: إلى فريق عمل يعيش حالة التّجانس الفكريّ والنّفسيّ، والتّلاقي على أهداف وأساليب معيّنة بمقدار لا يخلو من الاختلاف الّذي يعدّ ضروريّاً لإثراء التّجربة، وتنضيج الرّأي، ولإثارة روح الإبداع، ولكن لا يعرقل المسيرة، ولا يسدّ الباب أمام حالات التّوافق في الكثير من الموارد، ولا يثير زوبعة لا داعي لها من منطلق سوء الظّنّ، أو سوء التّقدير، والفريق الّذي يعيش حالة الانقسام في داخله بصورة واضحة تشغله مشاكله الدّاخليّة وخلافاته عن حلّ المشاكل الّتي كان تشكّله من أجلها، ويمثّل أزمة إضافيّة من أزمات مجتمعة.
وحين نتجاوز الحديث عن إدارة العمل الإسلاميّ داخل المؤسّسة الواحدة إلى الحديث عن إدارة العمل الإسلاميّ في إطار المجتمع كلّه فالتّخطيط والتّحريك والتّوجيه والإدارة لا تكون للعمل المؤسّسيّ في إطاره الوسيع فقط، وإنّما تمتدّ إلى النّشاط الإسلاميّ للأسرة والفرد، وتحاول أن تدفع بكلّ الجهود على مسار واحد، وفي اتّجاه واحد، يخدم الهدف التّربويّ والتّنمويّ الإسلاميّ العامّ، ويقطع مراحل الوصول إليه عبر أهداف تفصيليّة قريبة وبعيدة، وخطط جزئيّة متواصلة ومتكاملة.
وفي الوقت الّذي تهتمّ الإدارة العامّة للعمل الإسلامي بالعمل المؤسّسيّ وتنظيمه وتنشيطه ودفعه والدّفع إليه، فهي لا تستهدف بذلك القضاء على المبادرات الفرديّة، وروح المسئوليّة عند النّاس خارج المؤسّسات، أو تشلّ إرادة فعل الخير، والتّبليغ، والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر عند الإنسان المسلم في دوائره المختلفة غير دائرة المؤسّسة، بل إنّ من واجب الإدارة العامّة، وإدارة المؤسّسات أن تثير روح العمل في سائر أفراد المجتمع، وتستحثّها على العطاء والإسهام في تصحيح الوضع، والتّقدّم بالحالة الإسلاميّة، وترشدها وتوجهها، لتلتحم في تيّار واحد كبير من العمل الخيّر المثمر مع الجهد المؤسّسيّ المشترك الفاعل.
إنّه ليجب أن ننظر إلى المركزيّة في العمل الثّقافيّ والتّبليغيّ بنظرة أكثر مرونة من نظرنا إلى المركزيّة في العمل السّياسيّ، على أنّ المركزيّة -وبصورة مطلقة- لا تعني وأد روح الإبداع، وإحداث الشلل في إرادة الفعل عند الآخر من أبناء المشروع المشترك، بقدر ما تعني ضرورة نظم الأمر، وتقدير الخبرة وسعة المعلومات، والتّفاوت في مستوى البصيرة العملية، وتوحّد القيادة.
ثمّ إنّ الإدارة النّاجحة وهي تحتاج إلى تفقّد محيط إدارتها، وخلق علاقات إيجابيّة بإنسانه عليها أن تكون ميدانيّة غير منفصلة عن محيطها، ويتأكّد هذا الأمر في حقّ الإسلاميّين الّذين يريدون تربية المحيط على الإسلام وأخلاقيّاته الرّفيعة، وفي ذلك غرس وتقوية وتعزيز لروح الثّقة المتبادلة، ولكنّ الميدانيّة ينبغي ألّا نحملها على ضرورة التّطواف الدّائم بمؤسّسات المجتمع والاشتراك الفعليّ المباشر في فعّاليّاته المتعدّدة، والإغراق في اللقاءات الجماهيريّة المفتوحة بصورة دائمة.
والرّسول الكريم الخاتم| -الّذي كان دوّاراً بِطبّه- كان قبل أن تنبني الكوادر التّبليغيّة والقياديّة الكافية يلتقي القبائل في الموسم وغيره بنفسه الشّريفة؛ أداءً للرّسالة، وتبليغاً للوحي، وتبصيراً للعقول والقلوب، ومن بعد بناء كفاءات متميّزة في مجال التّبليغ والتّعليم والقيادة، والحاجة إلى المركزيّة بدرجة أكبر صار يعتمد في الكثير على إرسال الرّسل، وإنفاذ الكتب، والبعثات التّعليميّة والتّبليغيّة، والقيادات الثّانويّة متولّياً الإدارة المركزيّة بكلّ دقّة وحنكة وبصيرة واقتدار، واطّلاع على الأمور وخبرة واسعة، مبقياً على التّواصل بشرائح الأمّة وجماهيرها بأسلوب وآخر، مباشر وغير مباشر، مستقبَلاً أو مستقبِلاً، في مراعاة دقيقة للظّروف والملابسات ومقتضياتها، ومناسبات الحكم والموضوع.
ومن المفيد أن نلتفت إلى أنّ الاشتغال ببعض الأدوار التّنفيذيّة الدّاخليّة في إدارة الشّخص قد تضيع من عطاءات هذه الإدارة ونتائجها المطلوبة أكثر بكثير ممّا توفّره تلك الممارسة بما تحدثه من غفلة عن بعض مواضع الخلل، وتصرف عنه من معالجات ضروريّة، ولفتات بنّاءة[20].
المجلس الإسلاميّ العلمائيّ[21] نموذج للمؤسّسة الدّينيّة النّاجحة في الختام نحاول أن نستعرض نموذجاً عمليّاً متميّزاً من نماذج عديدة متميّزة من العمل المؤسّساتيّ النّاجح يزخر بها بلدنا العزيز البحرين، والّذي أرسى دعائمه كوكبة من علمائنا الأخيار من أمثال سماحة آية الله الشّيخ عيسى قاسم وسماحة العلّامة السّيّد عبدالله الغريفيّ وسائر العلماء الأفاضل¼ نموذج المؤسّسة العلمائيّة المتمثّلة في (المجلس الإسلاميّ العلمائيّ) والّتي هي تعبير حيّ عن تنظيم الحالة العلمائيّة فيما تتطلّبه عمليّة التّبليغ والدّعوة إلى الله تعالى وفريضة الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر.
مؤسّسة رسمت أهدافها من مدرسة أهل البيت^ في حمل أمانة الدّين وتبليغ تعاليمه وأحكامه وتربية المجتمع على قيَمه وأخلاقه، فكان رائدهم التّخطيط الفاعل، والعمل الدّؤوب والمخلص، والتّعاون الخيّر، وخلال عشر سنوات أثمرت كشجرة طيّبة مباركة، يصعب اجتثاثها، نذكر بعض الثّمار الطّيّبة الّتي عمل عليها:
1ـ رعاية المجلس لمشاريع التّعليم الدّيني في مناطق البلد، وتأهيل القائمين عليها بالدّورات والورش والمهارات، وإعداد المناهج والمقرّرات الدّراسية تحت إشراف من الأساتذة والمختصّين.
2ـ إقامة المؤتمرات والنّدوات المتخصّصة لمعالجة أهمّ الإشكالات الفكريّة والاجتماعيّة، والمعوّقات الّتي تواجه العاملين، مثل موسم عاشوراء (مؤتمر عاشوراء السّنويّ)، أو ملتقى أئمّة الجماعة والمبلّغين، أو دورات الحجّ التّأهيليّة وغيرها.
3ـ إصدار العشرات من الكتب، والكتيّبات الثّقافيّة، والأقراص المدمجة، المسموعة والمرئيّة، ومواقع الإنترنت، ووسائل التّواصل الاجتماعيّ[22].
4ـ إقامة المواسم الرّوحيّة والثّقافيّة، مثل موسم نداءات التّوبة، وأسبوع الوحدة الإسلاميّة، وبرامج الاعتكاف، وأمسيات الدّعاء، وغيرها.
5ـ رفع شعار سنويّ مع حزمة من الفعّاليّات والبرامج الّتي تحرّك الشّعار عمليّاً مثل (اقرأ إسلامك)، أو الأسرة، أو الوحدة، وغيرها من الشّعارات الّتي تعالج قضايا المجتمع وظواهره السّلبيّة.
6ـ رعاية شؤون المرأة عبر إقامة مؤتمرات سنويّة لمعالجة قضايا المرأة المسلمة، إضافة للورش والدّورات، وملتقيات التّكليف الشّرعيّ، وغيرها من الفعّاليات التّربويّة والثّقافيّة.
7ـ التّصدّي لمعالجة القضايا الأسريّة، والاجتماعيّة، والخلافات المجتمعيّة بين المؤسّسات والمناطق المختلفة.
8ـ حمل هموم الوطن وآلامه، وقضايا الأمّة الإسلاميّة بشكل عامّ، فقد كان للمجلس خطابه المعتدل والحكيم والشّجاع في كثير من المنعطفات والقضايا المختلفة، وفق رؤية إستراتيجية بعيدة تحدّد الأولويّات والمهامّ الشّرعيّة للنّاس انطلاقاً من المسؤوليّة الشّرعيّة وتحقيق مصلحة الأمّة ووحدتها.
هذا ويوجد الكثير ممّا قدمه المجلس العلمائيّ للحالة الدّينيّة والثّقافيّة في البلد، والقائمون على المجلس ¾ لا يدّعون إلى أنفسهم الكمال أو العصمة، تبقى تجربة المجلس ناجحة تستحق الدّراسة والتّطوير مستقبلاً، وإن كان هناك من نجاح فهو بعد فضل الله تعالى وتأييده راجع لتوجيهات وجهود العلماء الأفاضل وعطائهم المخلص الّذين لا يرتجون من ورائه سوى مرضاة الله تعالى وعنايته وكرمه، و حتّى مع إغلاق مقرّ المجلس الّذي له تأثيره في تفعيل البرامج وتسييرها، إلّا أنّ مسيرة العلماء باقية ما بقي الدّهر، لهم حضورهم الفاعل وامتدادهم الطّبيعيّ بين النّاس ومحلّ ثقة النّاس في أمور دينهم ودنياهم.
المصادر والهوامش
- [1] لقاء مع منتسبي مشروع (ممهّدون) في جمعية التّوعية الإسلاميّة 2014 م
- [2] لقاء أبويّ مع مشاريع التّعليم الدّينيّ للنّساء في مأتم الإمام علي بقرية أبو قوّة يوليو 2010م
- [3] من كلمة قيّمة لسماحته~ في مؤتمر (إشكالات العمل الإسلامي في البحرين) تنظيم جمعية التوعية الإسلامية، 4/5/2005م.
- [4] خطبة الجمعة (538) 6 ربيع الأول 1434 ﻫـ 18 يناير 2013م.
- [5] لقاء أبوي مع مشاريع التعليم الديني للنساء في مأتم الإمام علي× في قرية أبو قوّة، يوليو 2010م.
- [6] خطبة الجمعة (34) 7 رمضان 1422ﻫ – 23-11-2001 م
- [7] محاضرة ألقيت في مأتم كرزكان، بعنوان (كيف نبني وطناً قويّاً) 2003 م
- [8] خطبة الجمعة (136) 17 ذي القعدة 1424ﻫ – 9 يناير 2004م.
- [9] نفس المصدر.
- [10] خطبة الجمعة (136) 17 ذي القعدة 1424ﻫ ـ 9 يناير 2004م.
- [11] خطبة الجمعة (135) 2 ذي القعدة 1424 ﻫ ـ 26 ديسمبر 2003 م.
- [12] لقاء أبويّ مع مشاريع التّعليم الدّينيّ للنّساء في مأتم الإمام علي× بقرية أبو قوّة يوليو 2010م.
- [13] خطبة الجمعة (286) 15 جمادى الأولى 1428 ﻫ ـ 1 يوليو 2007 م.
- [14] من كلمة قيّمة لسماحته~ في مؤتمر (إشكالات العمل الإسلامي في البحرين) تنظيم جمعية التوعية الإسلامية 4/5/2005م.
- [15] خطبة الجمعة (136) 17 ذي القعدة 1424ﻫ ـ 9 يناير 2004م.
- [16] لقاء أبويّ مع مشاريع التّعليم الدّينيّ للنّساء في مأتم الإمام علي بقرية أبو قوّة يوليو 2010م.
- [17] في لقاء بمسؤولات التعليم الديني، مساء الجمعة 19رجب 1431ﻫ الموافق للثاني من يوليو 2010م.
- [18] محاضرة ألقيت في مأتم كرزكان، بعنوان (كيف نبني وطناً قويّاً) 2003 م.
- [19] خطبة الجمعة (286) 15 جمادى الأول 1428ﻫ ـ 1 يونيو 2007م.
- [20] من كلمة قيمّة لسماحتهˇ في مؤتمر (إشكالات العمل الإسلاميّ في البحرين) تنظيم جمعيّة التّوعية الإسلاميّة 4 /5/2005م.
- [21] تقدمت نبذة عنه في صفحة 20.
- [22] لمزيد من التّعرّف على برامج ونشاطات المجلس الإسلاميّ العلمائيّ، راجع عبر موقع الإنترنت