أدب المقاومة

بطاقة عشق

هذي اللباناتُ تُسقى من حُمَيّانا *** أوّاهُ ما أعذبَ الذكرى و أحلانا !
تنفّس الشعرُ من أحداقِ نشوتنا *** و هامَ كلُّ شعورٍ في خلايانا
حتى الثمالة نسرينٌ يؤثُثنا *** فيستفيقُ رتاجا من حكايانا
و كان أبسطُ تصويرٍ يضاحكُنا *** يعيى اللسانُ به شرحا و تبيانا
بين انعكاسِ تباشير نراودُها *** كما اللجينِ بياضا في مرايانا
والروضُ في حُلَّةِ الأفوافِ منظرُه *** زاهٍ يجدِّد للآفاق نَيسانا
و في الصِّبا الرخوِ أنسامٌ مداعبةٌ *** منْ عابقِ الندِّ أزهارا و ريحانا
و الريمُ يضحكُ ميّاسا برقصتِه *** يطوي السهوبَ قريرَ العينِ جذلانا
أنعِمْ برعشةِ وجدٍ في جوانحنا *** تجتاحُ أشواقَنا ضما و أحضانا
يا ساكبَ النورِ من أصداءِ مولدِها *** للهِ درُّك إن النورَ أعشانا
حتى الحمائمَ و الدِّفلى مدندنةٌ *** تبني لها من حُروفِ الشعرِ أغصانا
شبّت عن الطوق أوراقي و محبرتي *** حتى انتبهت و قد كان الذي كانا
قصيدة الوجد و العشاق مطلعها *** إني أخذتك يا زهراء عنوانا
يا بؤبؤَ العينِ يا إنسانَ مقلتِها *** ما كانَ يُشبهُ في الأكوانِ إنسانا
و يا تلاويحَ وجدٍ في مخيَّلتي *** للعمقِ تسكُنُني سرا و كتمانا
لو ذُعتها لتماهى الشعرُ جارفةً *** أمواجُه من مُحولِ الجدبِ طوفانا
لو ذُعتها عافت الأطيارُ مسكنها *** و اختارت القلبَ أوكانا و أوطانا
لو ذعتها أمطرت في الروح أنوية *** و للمدارات تهدي النظم بركانا
و صار حبري فراديسا منعّمة *** و صرتُ أدعو لذاك الخلدِ رضوانا
و للقريضِ إذا ما ذعتُها حِكَمٌ *** تبذّ بالقول سحبانا و لقمانا
لكنني شئتُ أن أرعاهُ متَّئدا *** مثلُ الدراويشِ بالعرفانِ ولهانا
و لا أوشوشُهُ سرا ليفضحَني *** فالقلبُ يعشقُ فوقَ العشقِ أحيانا

زهراءُ لا أكتبُ الأشعارَ مترعةً *** إلا بذكراكِ ألحانا و أوزانا
زهراءُ لا أطبعُ الألوانَ سافرةً *** إلا لعينيكِ إجلالا و إذعانا
شتّانَ بين طُروسي منك مقفرةٌ *** و بين دهشةِ حبري فيك شتانا
في لذّة الأنسِ ميلادٌ يصافحنا *** يا ليتَه يتوشّى من تحايانا
نهدي إلى مكةَ النوراء تهنئة *** فيها نشاركُ بالأفراحِ عدنانا
نهدي بطاقةَ حبٍّ في بطانتها *** ينسابُ وجدٌ إلى المختار فرحانا
إلى خديجةَ أعباقٌ مسافرةٌ *** و في التهاني عهودٌ من سرايانا
و في التحيات شيء من هواجسنا *** يهمي الخواطر للزهراء هتّانا

سبحان ربٍّ حباك الحُسنَ أكمله *** سبحان سبحان من سوّاك سبحانا
سبحان من فجَّر الإنجيلَ ساقيةً *** في بحر عينيك صوب الذكر فرقانا
سبحان من أمرع الصحراءَ زاهية *** من بين كفيك وديانا وغيطانا
سبحان ربِّك من أعطاكَ منقبةً *** ما كان يمنحُها إنسا و لا جانا

حباك ربُّك خيرَ العالمينَ أبا *** و خيرَ من سارَ مشّاءً و ركبانا
تبلّجَ الصبح من أحداقِ غرَّته *** و من محياه مشكاة الهدى بانا
لا زال في دارة العلياء ممتطياً *** صرح الشموخ على الأزمان سلطانا
حبَاك ربُّك أمَّا في مآثرها  *** تجلببَ الدينُ و الإيمانُ قمصانا
لها من الفضلِ لو أعطى الثرى عرضا *** لسادَ طوبى و فاقَ المنتهى شانا
لذاك تدعى بأمِّ المؤمنينَ و قد *** حيت قلوبَهُمُ بردا و تحنانا

حباك ربُّك زوجا ما أقولُ له؟ *** الشعرُ يخرس لو أحكيه تبيانا
و العقل يجهل ما مكنونُ سدّتِه *** ألا تريني ركيكَ اللفظِ حيرانا؟
من كان للخير سبَّاقا و مبتدرا *** و كان للدينِ مهمازا و معوانا
و للرسولِ أخا في يوم محنته *** بل كان خيرَ وزيرٍ كابن عمرانا
حمّالَ رايته ، مفتاحَ غايته  *** حفاظَ شرعته نهجا و إيمانا

حباك ربُّك تزويجا مراسمُه *** مثل الأساطيرِ وسط الخلد فتانا
العَقْدُ تبر و خطُّ اللوحِ من ذهبٍ *** والعطر يسكب في الألواحِ ريانا
و الدرُّ ينثرُ يا بُوركتِ من دُررٍ *** بيضاءَ تقدحُ في الرضوانِ صوانا
حورٌ تزفُّكِ و الولدانُ عاكفةٌ *** نشوى تغازلُ في الآفاق نشوانا
و الأرضُ موجةُ أشعارٍ و تصدية *** و الطيرُ يهتفُ صدَّاحا و رنانا
يا فرحةً في ذرى الأكوانِ شاهقةً *** غنّت بيذبلَ بل طافت بثهلانا
ما كنت أوجزُها أو كنتُ أجملُها *** إلا بمُهجةِ مقدادٍ و سلمانا

حباك ربُّك يعلولا غدائرُه *** مهدُ النوابغِ فتيانا و شبانا
أعطاكِ ربُّك من آلائه “حَسَنا ” *** ساد الغطاريفَ من فهرٍ و قحطانا
و ب”الحسينِ” وكاءُ المجدِ مندفقٌ *** و السعدُ يُغرفُ من كفَّيه نهلانا
قد حجَّ كلُّ غريمٍ نحو تربتِه *** و صار كلُّ مشوقٍ فيه هيمانا
و “زينبُ ” الطهر تبقى خيرَ مدرسة *** يرقى بها الدهرُ أزمانا و أزمانا
حباك ربُّك يا زهراء نعمتَه  *** بيضَ السجايا و أخلاقا و إحسانا
و خصَّك الشرعة السمحاء واضحةً *** فصرتِ للعلمِ و التعليمِ عُنوانا
و للفصاحةِ نبراسا يضيءُ لنا *** في عُتمةِ الكونِ ألبابا و أذهانا

من غيرُ نورِك بالأسدافِ أرشدَنا *** من غيرُ خطِّك يا زهراءُ ربَّانا ؟
و هل عفافُك إلا سرُّ نهضتنا *** و هل حجابُك إلا في حنايانا
و هل ضلوعُك إلا رهنُ أضلعِنا *** نغضي عليها صباباتٍ و أجفانا

و إن صبرَك رمزٌ باتَ قدوتَنا *** و إن خطبَكِ من أسمى قضايانا
و إن رزءَك موصولٌ بنكبتِنا *** و إن جرحَك مغمورٌ ببلوانا
لا زال بالبابِ مسمارٌ يمزِّقنا *** و ليس تُسمَعُ شكوانا و نجوانا
لا زال بيتُك و المسلوبُ حرمتُه *** للآن يُشعلُ بالنيران للآنَ
لا زال في النجفِ المهتوكِ فاجعة *** تدمي القلوبَ و توهي شعب كوفانا
لا زال ألفُ “زريقيٍّ” يهدّدنا *** وسطَ العراقِ و في أنحاءِ عمّانا
و يستبيحُ من الآمالِ أعذبَها *** و في المنارات نزفٌ من ضحايانا
كم قدمَ الشعبُ قربانا بنكبته *** والشعب يكفيه ما قاسى و ما عانى
يكفيه حكم طغاة الأرض منتظرا *** سعدا يراوده من عهد” نعمانا “
و في التفرُّقُ كم أوهى عزائمَه *** و الفقر أورثه التجويع ألوانا
تكفي السجون التي تحوي أزاهرَه *** تكفي المجازر ملء الأرض جثمانا
تكفي الأجانب و الأطماع طائرها *** نحس يطالع وسط البوم غربانا

تالله بالبابِ بل مسماره قسمي *** و أردفُ اليومَ بالأضلاع أيمانا
إلا تفرّجُ عن أشجانِ أمتنا  *** حتى يصيرَ عراقُ الحزنِ جذلانا
و القدس ترجعُها يا ربِّ آمنةً *** من كف فرعون شماءً و هامانا
يا ربّ و اسبغْ على لبنانَ وارفة *** من الظلالِ ، و بارك أرضَ إيرانا
بلّغ كتائب حزب الله غايتها *** و لتكتب النصر رحمانا و منّانا
بحقِّ خيرةِ خلق الله كلِّهُمُ *** صلّى الإله عليه أينما كانا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى