أدب المقاومة

لهيب الولاء

ما للجوى في رزئه حدُّ *** فعلى المدى ذكراه تمتدُّ
كالنار تحرق مهجة حرّى *** تزفارها في البعد يشتدُّ
فإذا الوجيب و كل جانحة *** لضريحه الميمون تنشدُّ
لمنابر طاف الخلود بها *** و عليه من آثارها بند
سُقيت من العبرات تربتها *** و نسيمها الآهات و الوجد
في وقعة قلب الزمان لها *** متفطر و عيونه سهد
نحو الحسين تظل حاسرة *** حيرى و منها الحزن يرتد
بأبي و نفسي من بمقتله *** ذهب الصفاء و غادر السعد
للطف حيث الطف غايته *** و يحوطه الأصحاب و الوِلد
ساروا و شوق الموت ينهبهم *** و الموت بين مسيرهم يحدو
و بكربلاء منازل جمعت *** درر القلوب كأنها عقد
ما بين شيخ في تبتله *** ذكر و في تسبيحه وِرد
أو فتية في زهر طلعتها *** يعلى الجبين و يزهر الخد
حول الحسين و تحت رايته *** وقفوا و فيض شعورهم ودُّ
متدرعين لنصر سيدهم *** و إليه في أعماقهم عهد
وبحومة الميدان تذرفهم *** بيض النصال و صارم هند
فإذا الجيوش أتت و عدّتها *** ما نالها حصر و لا عدُّ
برزوا كماة في تدافعهم *** موج و في إصرارهم مدُّ
و صدورهم للنّبل مشرعة *** حول الحسين كأنها سدُّ
كرّوا و ما وهنت عزائمهم *** كلا و ليس لعزمهم صدّ
و تسابقوا في نيل أمنية *** فيها تساوى الحر و العبد
يا لهف نفسي عندما قتلوا *** و على الصعيد تناثر الورد
رحلوا و في أرواحهم ظمأ *** ترويه حور العين و الخلد
رحلوا و عند الحرب قائدهم *** بين الجموع محاصر فرد
والهفتاه و دمعه يجري *** و القوم يغمر قلبها الحقد
أو لم أكن سبط النبي أهل *** في قوله و حديثه ردّ؟
أيكون جدي خصمكم يوما *** لا تنفع الأموال و الوِلد؟
فأجابه من خيلهم سيل *** و من السهام مناصل رصد
و على العريكة ثار ثائره *** من حيدر ما مثله ندّ
لكن سهم الشؤم باغته *** و إليه في أحشائه مهد
لهفي على المقتول ظمآنا *** و الماء عذب ورده شهد
لهفي على المسلوب عريانا *** و عليه من تربانها بُرد
و الرأس فوق البيض محمول *** و على الضلوع سنابك تعدو
و الجسم بالفلوات تصهره *** شمس و يشعل حرَّها وقد
و النائحات بقربه حسرى *** جمر الغضى و البعد و الفقد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى