أنا في غاية الوحدة القسم الثاني
امتيازات الحياة في عصر الظُّهور أتمنى أن يعلمَ النَّاسُ كيف سيكون العالم بظهور الإمام صاحب الزَّمان -أرواحنا فداه-، ونذكر فهرسة التَّحوُّلات بصورةٍ مختصرةٍ:
1- سيكون كلُّ الفقراء من النَّاحية الماليَّة غير محتاجين، ويصبح كلُّ بني الإنسان أغنياء.
2- لن يبقى أحدٌ فوق الكرة الأرضية جائعاً إلا وأصبح شبعاناً.
3- لن يبقى أحدٌ بدون غطاءٍ ولباسٍ مناسبٍ.
4- لن يبقى أحدٌ مقروضاً ومطالباً.
5- لن يبقى إنسان مغموماً ومتأذياً.
6- لن يبقى إنسان يحيا غريباً وبعيداً عن وطنه.
7- لن يحيى أيُّ إنسان أسيراً ومقيَّداً.
8- كلُّ أمور المجتمع الإسلاميِّ سوف تصبح صالحةً وتطهَّر من الفساد.
9- لن يبقى إنسان مريضاً
-مرضاً قابلاً للعلاج-، وسوف تذهب وتزول كل الأمراض عن الحياة البشريَّة، لأنَّ العلم سوف يصبح بواسطة علم الإمام بقيَّة الله -أرواحنا فداه- في تقدُّمٍ كاملٍ، وفي النَّتيجة سوف تقتلع كل الأمراض بدون معارضٍ وضررٍ على أساس العلم الحقيقيِّ للإمام وليِّ العصر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف)، وتعالج، وفي النَّتيجة سوف تكون الأعمار طويلةً.
10- سوف تتبدَّل الرَّذائل والصِّفات الفاسدة إلى الصِّفات الحسنة والمقبولة والإنسانيَّة، وتمتلئ الدُّنيا من الصُّلح والصَّفاء والعدل والمحبَّة، وتنزل البركات الإلهيَّة من السَّماء وتظهر من الأرض على البشر، ويصبح الإنسان مأنوساً بالله المتعال، ويصل إلى الكمالات والمعنويَّات.
الآن تصوَّر كيف سوف تتحوَّل حياة البشر بظهور بقيَّة الله -أرواحنا فداه- وتتبدَّل شروط الحياة، وتخرج من الممات إلى الحياة، ومن الفساد والسُّوء إلى الحسن والجمال، ومن الظُّلمة إلى النُّور، هل بعد هذا يخاف الإنسان من الظُّهور، ويفكِّر في نفسه ويقول يا ليت ظهور حضرته (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) يتأخَّر؟ أليس هو بسبب قلَّة معرفتنا بالإمام بقيَّة الله -أرواحنا فداه- في العصر الحاضر، استطاع الأعداء أن يظهروه (عجّل الله تعالى فرجه الشريف)هكذا، أي أنَّ بظهوره (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) سوف تنتشر الحرب والدَّمار وسفك الدِّماء والخوف والوحشة في الدُّنيا، وما أظهروه هو عكس حقيقة الحياة في زمان الظُّهور بصورةٍ كاملةٍ؟ تركناه وحيداً كما تركوا جده الحسين (عليه السلام) نعم، نحن غرقى في نوم الغفلة، وفتحنا يد العدو حتى سمحنا للعدو بقول ما يريد، كما ترك الغافلون أمثالنا جدَّه الغريب في صحراء كربلاء، وتركوا العدو يفعل ما يريد من تجاسرٍ به، وبوالده العظيم أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، حتى أظهر أنَّ حجة الله شخصٌ لا يصلي، -الإمام عليّ (عليه السلام)-! إذاً ليس للتعجب من مكانٍ، بأن يُعرَّف الإمام صاحب الزَّمان (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) بالخشن وسفَّاك الدِّماء والمدمِّر، حتى يخاف الجميع منه، ولا يتجرَّأ أحدٌ حتى بالقلب على قول: إلهي أنا مشتاق لظهوره، إذاً فلتظهره هذا اليوم.
طبيبٌ سفَّاكٌ للدِّماء… الحرب الإعلامية السلبيَّة للشيطان على الإمام وليِّ العصر -أرواحنا فداه- كالحرب الإعلاميَّة المخفيَّة لإحدى الغدد السَّرطانيَّة -فلنفرض غدَّةً سرطانيَّةً تتحدَّث- التي تستوحش من عملية طبيبٍ جرَّاحٍ حاذقٍ رحيمٍ عطوفٍ، وتعتاش في حياتها الوسخة -الغدَّة السَّرطانيَّة- على أثر قضم دم خلايا البدن المريض، وترى نفسها في خطرٍ، وحتى لا تقبل خلايا البدن بعملية جراحيَّة ولكي لا تدعو الطَّبيب لبدء إجراء المعالجة، تقول لهم: إنَّ الطَّبيب سفَّاكُ دماءٍ، وإنَّ الدِّماء تسيل من سكِّينه، وهو بدون رحمةٍ، وو…. إنَّ هذا البدن المعذَّب والمريض اسمه المجتمع البشريُّ، ولديه خلايا أكثر من ستة مليارات خلية -إنسان- وضعتها بيد مجموعةٍ من الغدد السَّرطانيَّة الخطيرة أعني طلاب الرئاسة الذين يفتقدون إلى الرَّحمة، وسفَّاكي الدِّماء والظلمة، والوسيلة هي أدوات سياستها الوسخة التي وضعتها على المليارات الستَّة، فجعلتهم تابعين لإرادتها وأهوائها.
من البديهيِّ أن تكون هذه الغدَّة السَّرطانيَّة الخطيرة هي حرب مكبِّرات الصَّوت والإعلان، على الطَّبيب الرَّحيم الإمام بقيَّة الله -أرواحنا فداه- الذي لديه العلم لمعالجة كلِّ هذه الأمراض الخطيرة، وهو مظهر الرَّأفة وعطف الله والقلب المتألِّم على المجتمع البشريِّ؛ ولذلك نشروا الشَّائعات حتى يخاف النَّاس من ظهوره (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) المقدَّس، وليوجِّهوا هذا الخوف يقولون لهم: الآن وفي هذا الزَّمان فإن ظهوره (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) ليس مهيَّأً، إن شاء الله عندما يتهيَّأ ويستعدُّ العالم سوف يأتي؛ ولذلك وبهذه الوسيلة انصرفت الخلايا عن التَّوجُّه إلى الطَّبيب وطلب المساعدة منه، وإمضائه لأجل إجراء عمليَّة الجراحة.
كربلاءٌ أخرى واليوم توجد كربلاءٌ أخرى قائمة، ولابدَّ أن يكون العالم في انتظار ذلك الإنسان الكامل، ويطلب ظهوره (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) المقدَّس؛ لأنَّ جدَّه الغريب بقي في كربلاء الأولى وحيداً فريداً.
إن الأعداء في كربلاء حاصروا الإمام الحسين (عليه السلام) وقتلوه، ولكنه استشهد بسلاحَي السَّيف والحرب الإعلاميَّة السَّلبيَّة -التي قامت بالتَّعريف بصورةٍ سيِّئةٍ بأمير المؤمنين وأهل بيت العصمة والطَّهارة (عليهم السلام) للناس-، الإمام الحسين (عليه السلام) حوصر واستشهد وكذلك الإمام صاحب الزمان (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) بقي أيضاً وحيداً فريداً، والآن بقي وحيداً، واليوم وضع الأعداء سيوفهم على شيعته، -لأنَّ أيديهم لا تصل إلى هذا العظيم- فوضعوا حربهم الإعلاميَّة المسمومة على الإمام وليِّ العصر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) بصورةٍ مخفيَّةٍ لمدَّة قرونٍ، الإمام الذي لابدَّ على كلِّ العالم أن يعرفه، فأخرجه النَّاس من أذهانهم ونسوه.
عمل الأعداء عملاً، بحيث يستوحش الشِّيعة من ظهور الإمام ولي العصر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف)، ولا يتمنَّوه في قلوبهم. عمل الأعداء عملاً، بحيث يظنُّ شيعة الإمام وليِّ العصر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) الآن أنَّه بقي الكثير على ظهور الإمام صاحب الزَّمان (عجّل الله تعالى فرجه الشريف).
هنا الإمام وليُّ العصر -أرواحنا فداه- كجدِّه الغريب بقي وحيداً فريداً، فكلُّ شخصٍ يرفع صوته بذكره وبنصرته، ويسلِّمه إلى الأجيال الآتية، كما عملت الأجيال الماضية هكذا أيضاً، -ونحن هذا الجيل والجيل الآتي- نحوِّل الإمام صاحب الزمان (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) إلى الأجيال الآتية.
هكذا عملوا مع أمير المؤمنين وفاطمة الزهراء (عليهما السلام) أيضاً هذا الضَّعف والخيانة والخوف، هي هذه الصِّفات الرَّذيلة، الموجودة مع الإنسان دائماً، وإذا لم نزكِّ ونهذِّب أنفسنا ستبقى دائماً معنا، وهذه الصِّفات هي التي أوجبت بقاء الإمام وليِّ العصر -أرواحنا فداه- وحيداً، كأجداده المظلومين الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) والسيِّدة فاطمة الزهراء÷ والإمام الحسن والإمام الحسين (عليهما السلام) بعد وفاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، حيث ذهبوا وطرقوا كلَّ منزلٍ من منازل المهاجرين والأنصار، وطلبوا منهم النُّصرة، وهم أيضاً تركوا هذا العظيم وحيداً وغريباً بين يديِّ الأعداء، وحدث ما حدث… وحدة الإمام بقيَّة الله -أرواحنا فداه- في نهايتها وغايتها أيضاً لو نتحرك اليوم، ونقول لبعض مسؤولي المجتمع الشِّيعي: لماذا لأجل الإمام صاحب الزَّمان -أرواحنا فداه- لا تنتجوا فيلماً؟ ولا تضعوا صندوقاً خاصّاً به؟ ولا تعقدوا مؤتمراتٍ دوليَّةٍ وعالميَّةٍ له؟ لماذا لا نعمل ونسعى لأجله حتى بمقدار تعريفنا بشخصٍ في الانتخابات؟ على الأقلِّ يجب أن نكون في صدد تعريفه إلى أهل العالم، وأقلُّها لأجل المجتمع الشِّيعي، فذاك العظيم هو المعرَّف من الله لأجل قيادة العالم.
لو أنَّ النَّاس أعطوه رأيهم، وطلبوا منه أن يأتي، وإذا لم يستمروا بأفعالهم هذه، فإنَّ الله سيأتي به، ويطهِّر العالم من كلِّ الأوساخ الفكريَّة والإعتقاديَّة، وينشر الأخلاق الطَّاهرة والحياة الحقيقيَّة الماديَّة والمعنويَّة ويكرِّسها.
هل بعض الذين لابدَّ عليهم أن يجيبوا، سوف يجيبوننا؟ أم أنَّهم سيقولون إنَّ كلَّ جهودنا وأعمالنا هي من أجل الإمام صاحب الزَّمان (عجّل الله تعالى فرجه الشريف)، وكلُّ النَّاس في ذكره، عند ذلك لابدَّ أن نحقِّق، ونرى إذا كان الوضع كذلك، في أيِّ المجلات، والجرائد، والأفلام، والمسلسلات، والمقالات، والكلمات وو… يُطْرَحُ الإمام وليُّ العصر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) بشكلٍ واضحٍ وواسعٍ -لا جزئيٍّ- ويتمُّ توجيه أفكار العموم إلى الوجود المقدَّس؟ لابدَّ أن نعلم أنَّه لا ينبغي أن يأتي حتى يومٌ واحدٌ في زمان الغيبة، وإذا جاء هكذا يوم، لا ينبغي أن يتواصل، لأنَّ زمان الغيبة يعني زمان وصول الظُّلم والجور إلى آخر درجاته، لدرجة أن يصبح خليفة الله حبيس البيت، وأن تحكم الدُّنيا السِّياسات الشيطانيَّة والأهواء النَّفسانيَّة التي هي خلاف حكم العقل والآيات القرآنيَّة، ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ﴾(1) يعني حقيقةً ويقيناً حقُّ الحكومة هو لله، لماذا؟ لأنَّ حكم الله بالعلم، لكن حكم الشَّيطان بالأهواء النَّفسيَّة وبالجهل، أو مقدار من العلم الممزوج بالجهل، وكما نقول أنَّ حكم الله كماء خالص زلال وهو عين العلم، وليس ممزوجاً بالجهل، وحكم الشَّيطان وحكم أهواء النَّفس كطينٍ كريه الرَّائحة متعفِّنٍ أو كالمياه المبتذلة التي هي مقدار من الماء -العلم- ممزوجة بموادٍ نجسةٍ ووسخةٍ -من الجهل-.
لذلك لابدَّ كلما كان بالإمكان الإسراعُ بإنهاء وختم زمان الغيبة كان أولى، وزمانُ الغيبة هو زمان حكومة الجهل والشَّيطان على البشر.
إلى الآن لم تزكوها !!! شخصٌ ما زال لديه مرض الحسد، الأنانية، وطلب الرئاسة، وحبِّ الدُّنيا، و… في وجوده، من الطَّبيعيِّ أن تكون أعماله وفق هذه الصِّفات، وكلُّ عملٍ سيصدر منه وفق هذه الصِّفات، سيفيد الشَّيطان، وينتهي إلى نصرته، وتقوية جيوشه.
لذلك كلُّ بني الإنسان خصوصاً الشِّيعة وبالأخصِّ طلَّاب العلوم الدِّينيَّة الذين يريدون أن ينصروا الحقَّ والعدالة، لابدَّ أن يهذِّبوا أنفسهم، ولا يدعوا ذرَّةً من الصِّفات الرَّذيلة في وجودهم، ويكونوا جنوداً لحجة الله وتحت راية الإمام بقيَّة الله -أرواحنا فداه- بصورةٍ خاصَّةٍ فقط وفقط.
نحن في زمان البكاء على الإمام (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) البكاء هو إظهار الألم.
البكاء يفتح عقدة القلب… البكاء صرخة اعتراضٍ… البكاء وسيلة الوصول للمطلوب… هل تعلمون لماذا يبكي الأطفال؟ ليصلوا إلى ما يريدونه.
لأنَّ الطِّفل يرى نفسه عاجزاً، ويريد بواسطة البكاء أن يجعل من الأب والأم مسَلِّمَين له.
نحن لابدَّ أن نعمل هكذا أيضاً، وإضافةً على بذل السَّعي والجدِّ في طريق الوصول إلى ظهوره، عبر إظهار الجهوزية والاستعداد في أنفسنا -بإصلاح أخلاقنا وأعمالنا من خلال البُعد الفرديِّ والاجتماعيِّ-، علينا أيضاً أن نجعل أحد بنود برامجنا الأصليَّة هو البكاء على هذه المصيبة.
هذا الزَّمان هو زمان البكاء على ضالَّة المجتمع البشريِّ الإمام بقيَّة الله الأعظم -أرواحنا فداه- ولذلك أوصي الشِّيعة بدعاء النُّدبة -يعني دعاء البكاء والعويل بصوتٍ عالٍ- في زمان الغيبة، خصوصاً في أهمِّ أيام الحياة -يوم الجمعة، عيد الفطر والأضحى، والعيد السَّعيد الغدير- أن يقرؤوه ولا ينسوا هذه المصيبة الأصليَّة.
نعم، لا بدَّ علينا من البكاء، وفي الحقيقة أن نسكب الدُّموع على أنفسنا، حيث إلى أيِّ درجةٍ أصبحنا محرومين، لنبقى أربعة عشر قرناً تقريباً(2) محرومين من نور شمس الهداية والإمامة، ونُبتلى بالموت الرُّوحيِّ وحتى الجسميِّ -الحروب وسفك الدِّماء والفقر المنتشر-.
نبكي ليوقظنا من نوم الغفلة، نبكي ليعطينا اليقين والتَّصديق بأنَّنا في اشتباهٍ وخطأٍ، قوموا وأدركوا الإمام صاحب الزَّمان (عجّل الله تعالى فرجه الشريف)، هو منتظركم، وقد مدَّ يده نحوكم.
إذا كنَّا نبكي على سيِّد الشُّهداء (عليه السلام)… فلابدَّ أن نبكي عشرات الأضعاف على الإمام وليِّ العصر -أرواحنا فداه-… لأنَّه إمامٌ حيٌّ وحاضرٌ بالنسبة لنا، وفي عين الحال غريبٌ، وإنَّ البكاء على الإمام وليِّ العصر -أرواحنا فداه- هو بكاءٌ على سيِّد الشُّهداء أيضاً، وهو بكاءٌ على كلِّ الظُّلامات التي وقعت على أئمة الهدى (عليهم السلام) أيضاً، وهو بكاءٌ يحوِّل حياتنا الاجتماعيَّة ويجعلها تدور حول قطب رحى الوجود الإمام صاحب الزَّمان (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) ونحوه.
البكاء على الإمام صاحب الزَّمان (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) يعني… من الممكن أن نتصوَّر بأنَّ البكاء على الإمام صاحب الزَّمان (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) يعني الجلوس في زاوية، ووضع اليد على اليد الأخرى، وذكر الخاطرات المؤلمة والبكاء عليها.
ومن الممكن أن نظنَّ بأنَّ البكاء على الإمام صاحب الزَّمان (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) يعني إدامة الاغتمام واجتناب السَّعادة وملذَّات الحياة، وأن نكون دائماً في تعاسة.
ليس هذا معنى البكاء على الإمام وليِّ العصر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف). البكاء والعويل لفراقه يعني: صراخ الاعتراض على أهواء النَّفس.
أي رفع اليد عن رغبات النَّفس التي سبَّبت الفراق عن الأب الرَّحيم، وجعلت الإنسان وحيداً فريداً، كالطِّفل الصَّغير الذي بإصراره أكثر من اللازم على رغباته النَّفسيَّة، ومقاومته مقابل تربية والديه، أصبح بمفرده ووحيداً.
البكاء عليه يعني: الضرب على يد المنتفعين العالميِّين، وقطع الأمل من الإدارات التي يُعبَّر عنها بمنظَّمة حقوق الإنسان الدُّوليَّة التي قامت لتدير وتنجي البشر، ولكنَّها ليست فقط لا تقوم بدورها، بل تضيف وتزيد الآلام المميتة للبشر.
البكاء عليه يعني: سكب الدُّموع على المصائب التي تنزل على الأطفال والمستضعفين، وقد جعلها أهل الشَّهوات آلتهم، وفي كلِّ يومٍ يرسلون أعداداً كثيرةً من الضُّعفاء إلى وادي الموت والفقر والمرض، ولو أنَّ الظَّالمين لم يظلموا -الإمام صاحب الزَّمان (عجّل الله تعالى فرجه الشريف)-، ولم يضع النَّاس اليد على اليد الأخرى، لانتهت كلُّ هذه المشكلات بقيامه العالميِّ.
البكاء على الحرمان إذاً لابدَّ من البكاء، الذي بمعنى أنّه لماذا العالم اليوم الذي يطبِّل بالتَّرقِّي، وهو إلى الآن لا يعرف إمام زمانه (عجّل الله تعالى فرجه الشريف)، وغافلٌ عنه.
هل التَّقدُّم يعني أن لا تعرف خلايا البدن عقلها، ولا تعمل بأمره، أو تعجز عن ذلك، وتأخُّرها عن معرفة علمٍ يوجد في العقل؟ هذا مَثَلُنا مع الإمام صاحب الزَّمان (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) حيث جعله الله بمثابة العقل في بدن المجتمع البشريِّ، لأنَّه خليفة الله وممثِّله ومحلُّ ومركز نزول العلم الحقيقيِّ من الله على العالم، حيث جعله الله المتعال عقل ومركز الهداية.
لكن نحن وللأسف الخلايا المريضة للمجتمع البشريِّ محرومون من توصيات هذا العقل الإلهيِّ، وعلامة هذا الحرمان هو وجود آلاف الأنواع من الأمراض الرُّوحيَّة من قبيل عبادة الشَّهوة وطلب الرئاسة والكذب والنِّفاق والحسد وسفك الدِّماء والفقر والفساد في المجتمع البشريِّ، وحينما تعمل الخلايا -بني الإنسان- وتأخذ بأمر العقل، سوف تتعافى من كل هذه الأمراض بالهداية العلميَّة لهذا العقل الإلهيِّ، وتنجو من الظلم والجور والشَّقاء والفساد.
لابدَّ من البكاء على الموت توصيات البكاء في زمان الغيبة والعويل من فراق الإمام صاحب الزَّمان (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) في الحقيقة هو بكاء على ذهاب الحياة.
ليس البكاء على الحياة والسَّعادة، بل البكاء على هذا الموت والفقر والبلاء والمصيبة التي ترافقه.
لابدَّ من بكاء المجتمع البشريِّ وبكاء كلِّ فردٍ من البشر في زمان الغيبة على فقدان الإمام صاحب الزَّمان (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) بصورةٍ ظاهرةٍ.
لأنَّ الحرمان من قيادته، في الحقيقة هو فقدان الحياة، وفقدان العلم، وفقدان العصمة والطَّهارة، وكلما فُقد العلم والعصمة، يأتي الموت والشَّقاء.
لو لم يكن الإمام صاحب الزَّمان غائباً -بسبب ضغط وظلم الأعداء وسكوت النَّاس- لم يحدث في الحياة البشريَّة أي اختلاف وعراك.
لو حكم الإمام وليُّ العصر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) النَّاس، وقبلوا كلَّ كلامه، كونه ناطقاً عن الله، والذي كان وما زال خليفة كلِّ الأنبياء الإلهيِّين (عليهم السلام)، لن يحدث اختلاف، ولن يُرى بين البشر سفكٌ للدِّماء وفسادٌ.
زمان الغيبة يعني زمان البكاء ولذلك زمان الغيبة هو زمان البكاء… يعني زمان الحرمان… يعني زمان الضَّغط… يعني زمان سفك الدِّماء واختلاف البشر… يعني زمان التَّكبُّر والغرور وزمان عدم إطاعة الحقِّ، لماذا؟ لأنَّ أكبر كلام الحقِّ هو إطاعةُ الإمام المعصوم، لأنّه قائد ومنجي البشر، وهو حبيس البيت، أو بعبارةٍ أخرى في زمان غيبته، الذي هو نتيجة هذا التَّكبُّر والغرور المنتشر في المجتمع البشريِّ، الذي أصاب النَّاس.
زمان الغيبة يعني زمان الحيرة وزمان فقدان الهدف العامِّ، لأنَّه لو لم يكن المجتمع هكذا، لم يكن ليُحرم من القائد الحقيقيِّ، الحرمان من هكذا قائدٍ معصومٍ، ما هو إلا حرمانٌ من العلم والهداية الإلهيَّة، والحرمان من علمه وهدايته والذي يساوي الحيرة والمضيِّ بدون هدفٍ.
لو كان الحاكمُ على البشر العلم… ألا نعلم أنَّه لو كان قائد المجتمع البشريِّ هو منجي آخر الزَّمان، المجهَّز بالقدرة الإلهيَّة والسَّماويَّة، والمعصوم عن الخطأ والاشتباه، والمطَّلع على كل حقائق عالم الوجود الظَّاهرةِ والمخفيَّة، ألا نعلم أنَّه سوف تتبدَّل حياة بني الإنسان من الموت والظُّلمة والحيوانيَّة إلى حياةٍ واقعيَّةٍ علميَّةٍ ومعنويَّةٍ بعيدةٍ عن الظُّلم والخيانة ومليئةٍ بالصُّلح والمحبَّة.
لأنَّنا اليوم نصدِّق ونعتقد، أنَّ العلم هو الذي يعطي الحياة، ويأتي العلم بالرَّفاهيَّة والثَّروة، ويحيي العلم العالم الميِّت، و… الآن ننظر بصورةٍ جيِّدةٍ وبدقَّةٍ ونرى هل الحاكم على المجتمع البشريِّ هو العلم أو الجهالات والأهواء النفسانيَّة؟ لو حكم العلم البشر، لأصبح أفراد البشر -من ساسة الدُّول الكبرى إلى الأفراد العاديِّين من الدُّول الفقيرة- بدون كلِّ هذه الحروب والنِّزاعات السِّياسيَّة المختلفة وغيرها.
لو حكم العلم البشر، لن تجد الآن ثروة العالم في يد 15%، والحالُ أنَّ 85% من أهل العالم فقراء ومحرومين من الثَّروة.
لو حكم العلم البشر، لن تجد ملايين الجياع وهم بلا وطن، تائهين وأسراء بلا أهلٍ وعائلةٍ في العالم.
لو حكم العلم البشر، لن يخرج الله من حياة النَّاس، وتحكمهم الأهواء النفسانيَّة والشَّهوانيَّة والشَّيطانيَّة.
لو حكم العلم البشر، لن تأخذ أرواح عشرات الآلاف في كلِّ يومٍ من بني الإنسان الأمراض المختلفة الجسميَّة والرُّوحيَّة والإدمان وآلاف المفاسد الأخرى.
ولو حكم العلم البشر، لن تتسلط مجموعةٌ قليلةٌ من أولئك الذين لا يرون شيئاً في الحياة سوى الرئاسة على البشر، ولن يُسكتوا أهل العالم بالتَّهديد بالقنبلة الذَّرِّيَّة، ولن يجروا سياساتهم على كلِّ العالم.
ولو حكم العلم البشر، لن يدير أحدٌ من الدُّول الكبرى العالم بأهوائه النَّفسانيَّة بما يُصطلح عليه -الفيتو- أي بحق النقض، حتى لا ينطق أيُّ شخصٍ معترضاً، وإذا اعترض أحدهم يُحرق بظلم -الفيتو- حق النقض(3).
ولو حكم العلم البشر، لن ترتفع ألسنة نار الظُّلم على العالم بصورةٍ فاضحةٍ وظاهرةٍ، ويعطى اسم القانون، ولن يقال له بـ «قانون الفيتو» أو «حق الفيتو» أي حق النقض.
فلنترك هذا الأمر… لكي لا يصيبك التَّعب… الحرب العالميَّة قائمة منذ قرون… أريد أن أقول فقط، أنَّ كلَّ هذه الأمور هي علائم وآثار الحرب العالميَّة، والتي بدأ بها الشَّيطان منذ قرون ضد الله والإمام صاحب الزَّمان (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) والأنبياء الإلهيِّين (عليهم السلام)، ولأنَّنا ولدنا في زمان الحرب، لا نعتبر ما قيل في الأعلى حرباً، ونظنُّ بأنَّ الحياة هي هذه.
نظنُّ بأنَّ الحياة تعني أن يكون الإنسان عاصياً، وأن يرتكب المعاصي، وأن يوسوس له الشَّيطان، وأنَّ الحرب والاختلاف السِّياسيَّ وغير السِّياسيِّ في العالم من المسائل العاديَّة في الحياة، وأنَّ الظُّلم والجور كشربة ماءٍ؛ أي من الأمور العاديَّة بالنِّسبة لكثيرٍ من البشر، وأنَّ معنى الحياة هو هذا، ومنتهى الأمر، هو أنَّ الحياة لا يمكن أن تكون خاليةً من هذه الحوادث.
البكاء على المصيبة دائماً بنو الإنسان في بكاء على المصائب، ولأنَّ زمان الغيبة هو أكبر مصيبةٍ نزلت بالبشر، نرى أولئك الذين لم يفقدوا الحسَّ الإنسانيَّ، يبكون على هذه المصيبة.
ألا نرى يوميّاً أعداداً كبيرةً من النَّاس -ملايين من الأشخاص في العالم- تبكي على مصائبها الكبيرة والصغيرة؟ هل تظنُّون بأنَّ هذا البكاء طبيعيٌّ؟ لا أبداً، هذا البكاء -مقدارٌ قليلٌ منه طبيعيٌّ فقط- غير طبيعيٍّ، ولا ينبغي أن يكون في حياةٍ سليمةٍ أبداً.
هذا البكاء إمَّا بسبب ضغط الظُّلم، وإمَّا بسبب الفقر والحرمان، وإمَّا بسبب العجز واضطرار الكثير من النَّاس الذين لا يجدون طريق حلٍ، وما زالوا في حاجة، وإمَّا بسبب سفك الدِّماء والحرب وفقدان الوطن والجوع وبقيَّة المصائب.
كل هذا البكاء هو قطراتٌ من المصيبة الأصليَّة لحياة البشر، حيث لو لم تكن هذه المصيبة الأصليَّة، لم يُر في المجتمع البشريِّ مثل هذا الشَّقاء.
لو حكم ذلك الإمام المعصوم (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) المعيَّن من قبل الله المتعال لأجل حياة البشر والصُّلح والسَّعادة، لم يستطع حتى إنسانٌ واحدٌ أن يظلم آخراً، أو أن يقتله ويسرق أمواله، أو يجرَّ الآخرين إلى الأسر والفقر والحاجة، ويرمي بهم في الحرب وسفك الدِّماء.
إذاً لابدَّ من البكاء نعم لابدَّ من البكاء، والعويل من هذا الحرمان العام، لعلَّ هذا البكاء يوقظ بني الإنسان، ويلفت الآخرين على هذه المصيبة الأصليَّة.
النُّدبة تعني البكاء بصوتٍ عالٍ. نعم، هذا الزَّمان زمان البكاء والعويل، البكاء على الفراق، لماذا البكاء والعويل؟ لأنَّ المُنْتَظَرَ منَّا، لم يُعمل به.
ينتظر الإمام بقيَّة الله -أرواحنا فداه- منَّا نحن الشِّيعة أن نحيي ذكره في العالم، مع وجود كلِّ هذه الإمكانات الماليَّة والاقتصاديَّة والثَّقافيَّة والسِّياسيَّة، وأن نوجِّه أفكار أهل العالم نحوه.
لكن كلُّ يومٍ يذهب، يزداد توجُّهنا نحو المادِّيَّات، وننسى الإمام وليَّ العصر -أرواحنا فداه- أكثر من ذي قبل.
لابدَّ علينا أن نزداد عطشاً يوماً بعد يومٍ إلى الصُّلح والعدالة بين الشُّعوب المظلومة ومستضعفي العالم، حتى نسكِّن الآلام قليلاً بماء الحياة، ولابدَّ أن نعرِّف هذه الضَّالة المنشودة للعالم، التي ذكرتها كلُّ الأديان وأعطت البشارة بظهوره، فلابدَّ من أن نعرفهم عليه.
هل أصبحنا مثل بني إسرائيل التي… هل لابدَّ أن ندعه وحيداً يقوم بكلِّ هذه الأعمال؟ هل أصبحنا مثل أمَّة النَّبيِّ موسى (عليه السلام) حيث قالوا: يا موسى! اذهب أنت وربُّك فقاتلا، نحن هنا جالسون، في أيِّ وقتٍ تنتصر فيه، نحن سوف نأتيك أيضاً(4)، هل نفكر بأنَّ الإمام وليَّ العصر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) لابدَّ أن يأتي بنفسه ويصلح الأوضاع، وليس مطلوباً منَّا فعل شيءٍ؟ ماذا أراد منَّا نحن حتى يكون ليس في مقدورنا عمله؟ هل أراد منَّا أن نملأ الدُّنيا عدلاً؟ هل طلب منَّا أن نعمل انقلاباً على الظلمة وطواغيت العالم الأقوياء؟ أو أراد منَّا أن نعرِّف العالم عليه؟ عصر النهضة المهدوية هذا العصر عصر التَّبليغ ونشر المعرفة، وهذه الإمكانات هي تحت تصرُّفنا، ونستطيع عن طريق الفنِّ والأفلام والمجلات والجرائد وبقيَّة الوسائل نشر المعرفة، وإحداث ثورةٍ ثقافيَّةٍ وفكريَّةٍ في العالم، حتى يتعرَّف أولئك على منجيهم الكبير الذي ينتظرونه، ليصبحوا في شوقٍ إلى رؤيته.
هل علماؤنا، كتَّابنا، منتجو الأفلام والفنَّانون وبقيَّة محبِّي الإمام وليِّ العصر -أرواحنا فداه- هكذا يريدهم، أن يضعوا اليد على الأخرى، حتى أنَّه قد مضى أكثر من عشرين سنةٍ على الانقلاب الإسلاميِّ الكبير، وإلى الآن لدينا شكٌّ هل نعرِّف الإمام صاحب الزَّمان (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) لأهل الدُّنيا أم لا؟ لماذا نحن المسلمين بعد امتلاك كلِّ هذه النِّعم العظيمة مثل حياتنا في أمنٍ واطمئنانٍ بيد الإمام وليِّ العصر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) المباركة، ومع فداء مئات الآلاف من الشُّهداء وآلاف المعلولين وشهادة العلماء وعظماء الدِّين، مع كلِّ هذا، ما زلنا لهذه الدَّرجة وبصورةٍ قليلةٍ نفكِّر في حضرته (عجّل الله تعالى فرجه الشريف)، ونتوجَّه لكلِّ شيءٍ إلا إلى الإمام وليِّ العصر -أرواحنا فداه-؟ بدون الطَّبيب لا يسكن الألم أسألكم: عندما لا يكون الطَّبيب في المجتمع، ألا تنتشر الأمراض الاجتماعيَّة المختلفة، وتشلُّ الأمراض المختلفة النَّاس؟ سؤالٌ آخر: هل من الممكن أن تُعالَج هذه الأمراض بدون طبيبٍ وعلمٍ وتجربةٍ؟ طبعاً الجواب بالنَّفي، لذلك بالنسبة إلى آلام زمان الغيبة ناشئةٌ من فقدان طبيب البشر أعني الإمام وليِّ العصر -أرواحنا فداه- وهذا الجواب صادقٌ عليه.
هل نحن بنو الإنسان نريد وبدون حضور طبيب البشر -الذي لديه علم علاج الآلام الكبيرة للمجتمع البشريِّ-، أن تنتهي مشكلاتنا؟ ألا نعلم بأنَّه بدون علمٍ، لا يمكن علاج المريض؟ كما أنَّنا لأجل معالجة كل نوع من الأمراض نذهب إلى طبيبٍ متخصِّصٍ بهذا المرض، وحتى أنَّنا لا نكتفي بسماع وجهة نظر الطَّبيب العام، ولكن لأجل علاج سرطاناتٍ خبيثةٍ، ومميتةٍ لروح البشر مثل طلب الرئاسة، والتَّكبُّر والتَّعلُّق بالدُّنيا، والغرق في الآمال التي ليس لها انتهاء، وأمثال هذه الأمور التي لا نرى احتياجاً لطبيب فيها أصلاً، حتى نبدأ في معالجتها، وإذا بدأنا المعالجة، نذهب لشخصٍ عابرٍ يسير مشياً، وهو لا يعرف شيئاً في علاج الأمراض السَّرطانيَّة ونطلب منه إبداء وجهة نظر طبيبٍ متخصصٍ.
أليس هذا المثال السَّابق هو مصداقٌ عينيٌّ لرجوع النَّاس إلى منظمات الدِّفاع عن حقوق البشر لعلاج آلام الدُّول المختلفة في العالم؟ لو كانت هذه إدارات منظمات الدِّفاع عن حقوق البشر تمثِّل الأطباء، لماذا تزيد كلَّ يومٍ في آلامهم؟ بدون علمٍ لا ترتفع ظلمة الجهل كلنا نعلم، ما دمنا لا نعرف حقيقة شيءٍ ما، لن ترتفع ظلمة الجهل به، وبآثاره، مثلاً الشَّخص الجاهل، طالما أنَّه لم يتعلَّم، فإنَّ ظلمة الجهل وآثاره مثل خداع النَّاس المحتالين له، وأمثال هذه الأمور، لن ترتفع.
بهذا المثال، والمثال السَّابق، تتَّضح لنا حقيقةٌ أمامنا، ما دام أهل العالم لم يستنيروا من نور العلم، لن ترتفع ظلمة الجهل وآثاره عن مجتمعاته، ويستطيع الشَّيطان خداعنا بسهولة.
إذا كنَّا غير مصدِّقين بأنَّ روحنا مظلمة، وفي نقصٍ ومبتليةٌ بالجهل وفقدان العلم الحقيقيِّ ونور المعنويات في المجتمع البشريِّ، ألا نصدِّق أنَّ آثار هذه الظُّلمة والجهل هو نتيجة تسلُّط الشَّيطان على روحنا وقلبنا؟ هل نتأذّى بالقول في حقِّنا أنَّنا فاقدين لنور المعنويات والعلم، ونحن ليس لدينا أيُّ ارتباطٍ مع إلاهنا وأيُّ ارتباطٍ مع خليفته الموجود فوق الكرة الأرضيَّة، الحاضر والحيِّ، نكون مثل الجاهل الذي ليس له أدنى ارتباطٍ أبداً بأيٍّ من أحد المراكز العلميَّة وإدارات الدَّولة التي يحتاج لها من ناحية العلم، لكنَّه يتأذَّى عندما يُقال له أنت جاهل.
نعم، نحن بنو الإنسان نخدع أنفسنا، ونظنُّ بعدم حضور الطَّبيب قرب فراش المريض، وأنَّه سيتحسَّن بنفسه، ويكفي أنَّنا نكنس حجرته، وهكذا نظنُّ أنَّه بواسطة الشِّعارات البرَّاقة من الصُّلح والعدالة وو…
-مثل كنس حجرة المريض- ومع عدم حضور الطَّبيب الحقيقيِّ الذي هو منجي آخر الزَّمان -أرواحنا فداه- سوف تتعافى آلام المجتمع البشريِّ.
الهوامش والمصادر
- (1) سورة الانعام، الآية 57، وسورة يوسف الآية 40 – 67.
- (2) يعني منذ أن حبس أمير المؤمنين (عليه السلام) في البيت.
- (3) حق الفيتو: هو حق الاعتراض على أي قرار يقدم لمجلس الأمن دون إبداء أسباب، ويمنح للأعضاء الخمس الدائمي العضوية في مجلس الأمن، وهم: روسيا، الصين، المملكة المتحدة، فرنسا، الولايات المتحدة. لم يرد لفظ ” فيتو” في قانون الأمم المتحدة، بل ورد لفظ “حق الاعتراض” وهو في واقع الأمر حق “إجهاض” للقرار وليس مجرد اعتراض. إذ يكفي اعتراض أي من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن ليتم رفض القرار وعدم تمريره نهائيًّا.
- (4) ﴿قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾ سورة المائدة: 24.