ثقافة

الأمة الإسلامية خير الأمم

﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ (آل عمران:110).

إن الأمة الإسلامية ـ كما يصرح القرآن الكريم في هذه الآية الكريمة ـ هي خير الأمم ـ خير من كل الأمم التي توالت على البشرية. أو أي أمة يمكن أن تتواجد وتخرج للناس. ثم يعدد بعد ذلك صفات ومميزات هذه الأمة حيث يقول تعالى: ” تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر…, فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو من المميزات الأساسية التي جعلت هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس.

ولئن كانت التقوى هي ميزان التفاضل بين الأفراد: “إن أكرمكم عند الله اتقاكم ” فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو من موازين التفاضل بين الأمم كما يتبين من الآية السابقة.

سبب الغضب الإلهي

إن جزاء أعمال الإنسان يكون عادة في الاخرة وليس في الدنيا, ولكن هناك نوع من المعاصي عجّل الله تعالى العذاب على مرتكبيها في الدنيا فشملهم الغضب الإلهي في الدنيا والعقاب في الاخرة. وهذا ما حصل للكثير من الأمم السابقة التي يحدثنا عنها القرآن الكريم. فما هي المرحلة التي إذا وصلت إليها الأمة استحقت العذاب الدنيوي والغضب الإلهي بهذا الشكل؟

إن الغضب الإلهي الذي نزل على الأمم السابقة كان السبب الأساسي فيه تركها فريضة النهي عن المنكر, وقد ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام: فإن الله سبحانه لم يلعن القرون الماضية بين أيديكم إلا لتركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, فلعن الله السفهاء لركوب المعاصي, والحلماء لترك التناهي”.

فعندما تركوا النهي عن المنكر نزل العذاب على الأمة كلها بما فيها من سفهاء وحلماء فاسقون ومتدينون ـ بحسب الظاهر ـ فاستحق أهل المعصية العذاب بسبب ما ارتكبت أيديهم, واستحق الآخرون أيضا العذاب لأنهم رؤوا المنكرات ولم يحركوا ساكناً للإصلاح!.1

يقول تعالى في كتابه الكريم: ﴿ َلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ﴾ (الأعراف:165).

فالعذاب سيأخذ الجميع ولن يستثنى منه إلا فئة واحدة, فمن هي هذه الفئة ؟ هل هم المتدينون الذين يؤدون الصلاة والصيام ويعيشون ضمن دائرة ” ما يعنيهم” دون أن يحركوا ساكناً للقيام بدورهم الإيجابي المصلح في المجتمع؟

كلا, الآية الكريمة تأكد أن الذين ينجون هم فقط المتدينون (الذين ينهون عن السوء). فالذي التزم بفريضة النهي عن المنكر هو الذي سينجو, وكل الآخرين سيشملهم العذاب سواء كانوا ممن تلوثت أيديهم بالمعاصي أم من الذين لم تتلوث أيديهم ولكنهم رأوا المعاصي فسكنوا إليها ورضوا بها. لأن إصلاح الآخرين هو أيضا تكليف, وتركه معصية.

كما أن كل فرد مطالب بإصلاح نفسه, فإنه مطالب أيضاً بإصلاح الآخرين وهذه الأمة ليست مستثناة من ذلك فلو ترك المسلمون فريضةمر بالمعروف والنهي عن المنكر استحقوا العذاب الإلهي, فقد ورد عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: “لا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وتعاونوا على البر, فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات وسلط بعضهم على بعضهم, ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء”.2

إن هذه الرواية تشير إلى الارتباط الغيبي بين المعاصي والمشاكل الدنيوية ” نزعت منهم البركات وسلط بعضهم على بعض”. فالمشاكل الاقتصادية والفتن بين الناس بالإضافة إلى أسبابها الطبيعية لها ارتباط بالنهي عن المنكر, وهي نوع من العقاب الإلهي لترك هذه الفريضة.

وعن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: لتأمرون بالمعروف ولتنهُن عن المنكر, أو ليعمنَّكم عذاب الله”.3

ومن هذه الآيات والأحاديث يتبيّن أهميّة هذه الفريضة وما لها من الأثار الوضعية على المجتمعات. 4


المصادر والمراجع

1- نهج البلاغة خطبة 147.
2- مشكاة الأنوار ج1ص124
3- مشكاة الأنوار ج1ص125
4- اصلاح المجتمع في فكر الامام الخميني قدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى