عشقي و أملي
دَنِفٌ يقلّبُكَ الجوى فتكابرُ *** ويكاد يفضحك الحنينُ السافرُ
ولواعجُ النفسِ العليلة نظمُها *** همسٌ يبوحُ ودمعة تتحادر
وبلوعة حراء من جوف الحشا *** لو أسدل الليلَ البهيمَ دياجرُ
وتكاد روحك أن تمزق لهفة *** وعلى الضفاف همومها تتكاثر
و ترى السفائن في شموخ سكونها *** صبرا يعانقه الجمال الشاعر
والبحر يا للبحر بين عبابه !! *** بوح يطل وعنفوان آسر
فيضج عالمك انتظارا دافئا *** يغشاه وصلٌ من حبيبك ساحر
كن عاشقا أو مت كئيبا صامتا *** إن الحياة عواطف و مشاعر!
ولقد خبرتك جذوة مشبوبة *** و لهيب شوق و الرجال مخابر
حتى عذرتك إذ وجدتك هائما *** فأنا الذي لهواك نعم العاذر
تسبيك مقلته ولحظ عيونه *** والقلب يسحره الغضيض الفاتر
تسبيك طلعته و نور جبينه *** والشمس لا يخفي ضياها ساتر
كالبدر طل بليلة قد أشرقت *** بيضاء يهجرها النعاس السادر
لبست لآلئ فخرها و عقودها *** حسناء يسبح في هواها الناظر
وترى النجوم سوار فيروز بدا *** والليل يكسوه اللجين الزاهر
كالغيد ترفل في الثياب قشيبها *** حتى يوشيها الجمان الناضر
و بزهوة مثل الربيع ندية *** ما شابها ضيق و حزن عاكر
ولد الإمام ابن الإمام ونوره *** سحر يطل على البرية باهر
ولد النقي ابن النقي مطهرا *** وإليه ينتسب النقاء الطاهر
ولد الزكي ابن الزكي مرتلا *** وهو الشكور لربه والذاكر
وبذكره شعبان أمسى ضاحكا *** والنصف فيه هانئ يتفاخر
و رياضه الخضراء تبر ناعم *** تاه الأديب بها و هام الشاعر
شعبان يا بوح الشعور ويا هوى *** في القلب ليس لضفتيه آخر
شعبان يا بحر عميق غوره *** كالدهر لا يحصي مداه سابر
قرنت لياليه العظيمة بالتقى *** و الذكر و القرآن فيها حاضر
والصوم و الصلوات في أيامه *** والبر من آلائه يتناثر
لو كان ما في الدهر إلا وهلة *** فاض السعود بها و سر الخاطر
فالنصف من شعبان سر خلودها *** و له على الأكوان فضل غامر
قد جاءنا فيه الإمام فغردت *** ألحاننا و الشعر فيه قاصر
هو حجة الإسلام مشكاة الدجى *** وتر السهام لكل جور ناقر
فاق الجبال الثابتات دعامة *** كيلا يمور بنا الزمان الغادر
مهما تكالبت النوائب جملة *** فهو الربيط لجأشه و الصابر
حتى يبوءه الإله مكانه *** والشرع من آياته يتواتر
غمر الحياة رياضها وقفارها *** أملا يردده الرباب الماطر
و رعى الوجود بنظرة أبوية *** وحنانها من روحه يتقاطر
و لقد حملنا همه .. وهمومنا *** في قلبه المكلوم جرح غائر
مهدينا يا من يتيه به المدى *** والقول يعجز و البيان الحائر
يا مكرمان فديت طلعتك التي *** تاقت إليها أفؤد ونواظر
فلئن ذكرتك فالسهام عديدة *** والكون جور سائد ومناكر
ولئن ندبتك فالشعوب عميدة *** وسط الهياط جموعها تتنافر
عجل فإن العصر فلك هامج *** يغشاه حقد جامح ونوائر
عجل فإن الفسق يشري هادما *** قيما يحن لها الغيور النادر
عجل علامات الظهور جلية *** وعواصف الأنواء موج هادر
فالأعور الدجال فينا حاكم *** و بكل فسق فاضح يتجاهر
والمعمعي بحالنا متحكم *** وإلى الذمام الغاليات يصادر
وزماننا المعلول عم بلاؤه *** و العيش فيه تناطح وتشاجر
و الحرب تلك قضية فتاكة *** ثمن يقسطه الضعيف الصاغر
حاشاك أن تنسى العراق و أهله *** فلقد تطاول في حماه الغادر
من كل مأجور وكل مجند *** لإبادة الدين الحنيف تآزروا
وتفننوا في الحرب حتى أثخنوا *** قلبا يعيث به الفسوق الجائر
فإذا النهار مذابح وتناحر *** وإذا الليالي فتنة ومجازر
ما ذنب أطفال يراود طيفها *** أمل يضيق به الخيال العاثر؟
أو نسوة ضيعن في ورد الردى *** حلما يداعب فكرها ويخامر؟
قل لي وما ذنب الكهولة والصبا *** إن ساقها نحو المنية جازر؟
ما كنت أنسى في الحياة مصابها *** كلا ولا ينسى الأبي الثائر
ما ذنب من كان الولاء سبيله *** فيهان من دون الورى و يحاصر؟
ألأنّ حب الآل ملء ضلوعنا *** نصبوا الشراك لحربنا وتآمروا؟
ولأن حبك يا إمام زماننا *** بقلوبنا اللهفى شعور غامر؟
لو لم تعللنا اللقاء بساعة *** هام الخيال بها و جاش الخاطر
لتلاشت الآمال من أحداقنا *** والتاع في الأعماق يأس خائر
فاقدم بطلعتك البهية داحرا *** فتنا يروجها الغوي الماكر
واصدح بسيفك حاملا راياتنا *** ونداك يتبعه اللهام الهادر
بقيادة مكيّة علوية *** والفتح يرسله العزيز القادر
لتقرّ منا أعين نضاحة *** والنفس تسكن والفؤاد الزافر