ثقافة

السلام مع النفس

يخطط الإسلام في برنامجه التربوي والتوجيهي تخطيطاً واسعاً للسلام مع النفس، وقد يتساءل أحد: وهل يمكن أن يعيش الإنسان مع نفسه في صراع وحرب؟! وهل يمكن أن يضرّ الإنسان نفسه؟ أو يخون نفسه؟.

والجواب بالإيجاب:

إنّ كثيراً من الناس يعادون أنفسهم من حيث لا يعلمون، ويتصدّون لمحاربة أنفسهم وخيانتها والمكر بها والكيد لها، ويخسرون أنفسهم، ويضرّون بها، ويهلكون أنفسهم، من حيث لا يشعرون… هؤلاء الناس لا يعيشون مع أنفسهم، ـ بالطبع ـ في حالة سلام، وإنّما يعيشون حالة عدوان وحرب مع أنفسهم بصورة مستمرّة… والقرآن الكريم يشير إلى هذه الحالة في الناس إشارات واضحة.

فمن الناس من يظلم نفسه:

{فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ}[1].

{وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ}[2].

{وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَلَكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}[3].

{وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ}[4].

ومن الناس من يبغي على نفسه:

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم}[5].

ومن الناس من يخون نفسه:

{عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ}[6].

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ}[7].

ومنهم الذين يخسرون أنفسهم:

{قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[8].

{وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُم}[9].

ومنهم الذين يسرفون على أنفسهم:

{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ}[10].

ومنهم الذين تزهق أنفسهم بما يرزقهم الله من المال والبنين:

{إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ}[11].

ومنهم الذين يهلكون أنفسهم:

{وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}[12].

ومنهم الذين يكيدون ويمكرون بأنفسهم ولا يشعرون:

{وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}[13].

وهذا التصوّر الإسلامي لعداء الإنسان لنفسه ومحاربته وظلمه لها جدير بالتأمّل والدراسة.

إنّ هؤلاء الناس لا يضرّون غيرهم وإنّما يضرّون أنفسهم، ولا يظلمون أحداً وإنما يظلمون أنفسهم، حياتهم عذاب متصل، يتصل فيه عذاب الدنيا بالآخرة وتزهق نفوسهم بها، وليس من أحد يصنع بهم هذا العذاب، وإنّما هم الذين يعذّبون أنفسهم بأيديهم كالذين يخربون بيوتهم بأيديهم.

يا عُدَيَّ نفسه:

وقد ورد هذا المعنى ـ عدوان الإنسان على نفسه ـ في كلمات الإمام أمير المؤمنين “ع” في نهج البلاغة.

يقول الشريف الرضي: دخل (الإمام) على العلاء بن زياد الحارثي يعوده، وهو من أصحابه، فلمّا رأى سعة داره، قال:

«ما كنت تصنع بسعة هذه الدار في الدنيا؟ أما أنت إليها في الآخرة كنت أحوج، وبلى إن شئت بلغت بها الآخرة، تقري فيها الضيف وتصل (فيها) منها الرحم وذكركم أهل البيت…».

فقال لـه العلاء: يا أمير المؤمنين أشكو إليك أخي عاصم بن زياد؟ قال: (وماله؟) قال: لبس العباءة وتخلّى عن الدنيا، قال: (عليَّ به)، فلمّا جاء قال: «يا عُدَيَّ نفسه لقد استهام بك الخبيث، أما رحمت أهلك وولدك؟ أترى الله عزّوجل أحلّ لك الطّيبات وهو يكره أن تأخذها، أنت أهون على الله من ذلك». قال: يا أمير المؤمنين هذا أنت في خشونة ملبسك وجشوبة مأكلك قال: «ويحك إنّي لست كأنت، إنّ الله فرض على أئمّة الحق أن يقدِّروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيَّغَ[14] بالفقير فقره»[15].

والإسلام يُهيِّيء للإنسان المسلم عيشة طيّبة فيها حياته وسلامته، ويدعو الذين آمنوا إلى الاستجابة لله والرسول إذا دعاهم لما يحييهم فيقول:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}[16].

والحياة الحقيقيّة السليمة هي الاستجابة للفطرة، والاستجابة الكاملة لكل مطالب الجسد والروح بصورة متوازنة ومتعادلة، الاستجابة للضمير والعقل وللغرائز ولحاجات الجسد ولحاجات الروح على نحو سواء… والاستجابة الشاملة بهذه الصورة لكامل الكينونة الإنسانية ومتطلّبات هذا الوجود هي الحياة الحقيقيّة التي يدعوا إليها الإسلام.

أمّا عندما ينحرف الإنسان عن خطّ الفطرة السويِّ، وينزع إلى الاستجابة للشطر الذي تعلّق بحاجات الجسد فقط، ويغفل الجانب الآخر، وهو الشطر الأهم من شخصيَّته ويعطله فإنّ حالة التوازن في شخصيّة الإنسان تتعرّض لاختلال شديد، ولهذا الاختلال انعكاسات وآثار واسعة، كما يتعرّض لها الإنسان المعاصر اليوم، ويعرّض الإنسان للقلق والارتباك والانفصام والانشطار وإلى صراع حادّ داخل شخصيّته.

وهذه هي بعض وجوه معاناة الإنسان المعاصر في الانحراف عن خطّ الفطرة.

الأبعاد الكاملة لشخصيّة الإنسان

ذلك أنّ الإنسان لا يتلخّص في حدود جسده ومتطلّبات هذا الجسد والحاجات الغريزيّة التي ينطوي عليها الجسد فقط، وإنّما يملك الإنسان بّعداً آخر أهم بكثير من بُعد الجسد والغريزة وهو ما يُصطلح عليه بالبُعد الروحي والإنساني، ولهذا البعد في شخصيّة الإنسان آفاق واسعة ومترامية، وقيمة الإنسان وشخصيّته الحقيقيّة تنطوي في هذا البعد وهو الذي يؤهِّله لاحتلال موقع خلافة الله تعالى في الأرض وحمل أمانة الله من دون سائر الكائنات في هذه الأرض من الحيوان والنبات والجماد.

ولا يزيد الجسد على أن يكون مركباً للروح، ومتطلّبات هذا البُعد من شخصيّة الإنسان وآفاقه واسعة وكثيرة، ومن آفاق هذا البُعد النزوع إلى معرفة الله وحبّ الله تعالى وذكره واللجوء إليه تعالى والدعاء والتضرّع والصلاة والطاعة، ومن آفاق هذا الُعد الضمير الذي يقوّم شخصيّة الإنسان ويشكّل مَحكَمةً عادلة ومنصفة داخل شخصيّة الإنسان، ويراقب سلوك الإنسان ومواقفه بدقّة، ويوبخه ويؤنبّه عند كل شطط وانحراف…

ومن آفاق هذا البعد من الشخصيّة; العاطفة وحبّ الخير، والنزوع إلى الإحسان إلى الآخرين، والرقّة والإيثار والنجدة.

ومن آفاق هذا البعد العقل وما أودع الله تعالى فيه من البصيرة والوعي والقدرة على التمييز بين الحق والباطل.

ومن آفاق هذا البعد; الأخلاق كالعفّة والحياء وإباء الضيم وغير ذلك من الآفاق الكثيرة والواسعة لهذا الشطر المهم والأساسي من شخصيّة الإنسان.

الانشطار والانفصام في الشخصيّة

ولهذا البعد من شخصيّة الإنسان حاجاته وطلباته الحقيقيّة والمسلّمة في حياة الإنسان، وإهمال هذا البعد وتعطيله ليس يؤدّي إلى إهدار وتضييع شطر كبير من شخصيّة الإنسان وكنوز من الثروة الإنسانيّة المودعة في شخصيّة الإنسان من الطاقات والكفاءات… وإنّما يؤدّي إلى قضيّة أخرى لا تقلّ أهميّة عن هذه القضيّة، وهي الانفصام والانشطار والصراع الحاد داخل الشخصيّة.

والإنسان يبقى يشعر شعوراً خفيّاً بأنه فقد جزءاً من شخصيّته، ويبقى هذا الشطر المعزول من حياة الإنسان يطالب بإلحاح وقوّة بالعودة إلى صلب الحياة وفعّاليّات الحياة، وبأن يحتلَّ محلّه الواسع من حياة الإنسان.

ولكنّ الحضارة التي يعيشها الإنسان تدفع بقوة هذا الشطر من شخصيّة الإنسان، وتعمل على عزله وتعطّله، تعطُّلا وعزلا كاملين، وتفسح المجال الواسع للشطر الآخر الحيواني من شخصيّة الإنسان بما تفتح أمام الإنسان من مجالات لإثارة الغريزة وتحريكها وإعطائها الأولويّة في حياته.

فحينما يتحرّك الإنسان المعاصر في الأوساط الجاهليّة الحديثة يجد أمامه فرص الإثارة والتحريك والتحفيز للغريزة; غريزة الجنس، وغريزة السلطة والسيطرة، فيشعر الإنسان في عمق نفسه بأنّ هذه الحضارة تعمل على إيجاد انفصام وانشطار واسع داخل شخصيّته، وعزل جانب منها ـ وهو الجانب الذي فيه تنطوي قيمة الإنسان وشخصيته ـ عن ساحة حياته، وإبراز الجانب الآخر ـ وهو الجانب الحيواني ـ بقوّة وعنف.

إنّ هذا الانشطار وعمليّة العزل لشطر من الشخصيّة والإبراز لشطر آخر تكلّف الإنسان كثيراً فهي تهدر جانباً واسعاً من القيم والكفاءات والقدرات التي أودعها الله تعالى في حياة الإنسان، وتُفقد الإنسان التوازن في حياته.

ولهذا الاختلال في التوازن آثار وانعكاسات سلبيّة واسعة في حياة الإنسان، فإنّ الله تعالى صمَّم حياة الإنسان الفرديّة والاجتماعيّة على أساس من هذا التوازن، وحيث يفقد الإنسان هذا التوازن تختلّ حياته الفرديّة والاجتماعيّة، ففي حياته الشخصيّة مثلا مع عائلته وأسرته يحتاج الإنسان إلى أن يتعاطى معهم المودّة والمحبّة، ولا يستطيع أن يَنعُم بحياة عائليّة سعيدة من غير هذه المودّة والسكون المتبادل، وحين ينضب معين العاطفة في نفس الإنسان فإنّ أثر ذلك ينعكس على جوِّ العائلة والأُسرة بصورة مباشرة، وتفقد العائلة والأُسرة أهمّ مقوّمات بقائها، ويؤدّي ذلك إلى إضعاف الحياة الزوجيّة وبالتالي إلى إضعاف هذه المؤسسة الحياتيّة المهمة في حياة الإنسان وتفريغها من مقوِّمات وجودها.

وفي الحياة الاجتماعيّة لا تستقرّ حياة الإنسان ـ مثلا ـ في المجتمع من دون تعاطي الثقة والعاطفة وتحكيم الضمير على السلوك الاجتماعي، وحين ينضب معين الثقة والعاطفة والضمير في نفس الإنسان فإنّ حياته الاجتماعيّة تتحوّل إلى جحيم من المشاكل والاعتداءات، ويتحوّل المجتمع إلى صحراء قاحلة لا يجد فيها الإنسان حاجته من التعاطف والتحابب والتآلف، وإلى جوٍّ عديم الثقة يتعامل فيه الإنسان مع ناس لا يثق بهم ولا يثقون به ولا يمكنه أن يتعاطى معهم الثقة، وإلى جوّ قاتم من سوء الظنّ يفسّر كل كلامه وتصرّفاته تفسيراً سيّئاً، ويضطرّ إلى أن يتعامل مع الآخرين بنفس الطريقة… وإلى حياة ملؤها السباق على حطام الدنيا والصدام والصراع وقيام القوي على أنقاض الضعيف وإيجاد حساب جوع الضعيف…

ومثل هذه الحياة لا يمكن أن يطيقها الإنسان ولا يمكن أن يتفاعل معها بإيجابيّة.

فالخلل الذي يحدث داخل شخصيّته نتيجة الانفصال والانشطار في شخصيّته ينعكس على حياته الشخصيّة والاجتماعيّة بصورة سيّئة جدّاً ويُفقدها مقوّمات البقاء.

الصراع الداخلي:

ويؤدّي به هذا الانشطار إلى صراع داخلي حادٍّ بينه وبين نفسه، فهو يشعر أنّه يتنكّر لنفسه بشكل سافر، بتأثير الوسط الحضاري الذي يعيش فيه، ويشعر أنه يتنكّر للقيم التي أودعها الله تعالى في نفسه، ولعاطفته وضميره، وللفطرة التي أودعها الله تعالى في نفسه في النزوع إلى الله تعالى واللجوء إليه وحبّ الله وذكره والصلاة والدعاء… وهذه العناصر الروحيّة والإنسانيّة لها حضور ووجود فعلي في شخصيّته تلحّ عليه بالظهور والنفوذ في حياته والتأثّر في ساحة عمله والتحكّم في شخصيّته وهو يضغط بفعل الوسط الحضاري لكبت هذه العناصر وعزلها عن حياته، فيقع فريسة هذا الصراع الداخلي بشكل مأساوي.

فالجندي الذي يشهر سلاحه بوجه إنسان آخر ليس بينه وبينه عداء أو خلاف حقيقي وإنّما يقاتل من أجل إشباع نهم الآخرين وأطماعهم وتنفيذ مآربهم السياسيّة فيقتل ويجرح ويأسر… لا يمكن أن يعيش من دون معاناة قاسية بينه وبين نفسه، فهو لا يقتل إنساناً نظيره من دون ذنب أو خلاف حقيقي فقط، وإنّما يقتل الرحمة والرقّة والعاطفة والضمير في نفسه أيضاً… ولا يتمّ له ذلك من دون صراع نفسي حادّ يقترن بالكثير من المعاناة الداخليّة والكآبة والقلق والاضطراب النفسي، فإنّ لهذه النوازع الإنسانية قوّة وتأثيراً وفعلا في نفسه ولا يمكن إسكاتها والقضاء عليها من دون هذه المعاناة الطويلة والقاسية والشاقّة.

وفي التعامل في المجتمع يضطّر الإنسان إلى العمل على عزل (الضمير) عن حياته وأن يعيش ويتعامل مع الآخرين من دون (ضمير) لكي يستطيع أن يجاري هذا التدافع الصاخب إلى حطام الدنيا من مال ومقام وجاه، ولا يتمكّن الإنسان من أن يسكت ويعزل هذه الصرخة الإلهيّة والمحكمة الإلهيّة (الضمير) عن نفسه قبل المرور بمرحلة معاناة طويلة وشاقّة وعسيرة، ولو أننا أمعنّا النظر في معاناة الإنسان المعاصر وما يتعرّض لـه من أمراض نفسيّة حادّة لاستطعنا أن نكتشف بوضوح هذا الصراع الداخلي الحادّ الذي يتعرّض لـه الإنسان المعاصر في الظروف الحضاريّة الجاهليّة المعاصرة.

الغربة والضياع

ويقترن هذا الصراع الداخلي في نفس الإنسان بشعور عميق بالغربة… فهو يشعر أنه غريب عن نفسه وعن مجتمعه، إنّ الشخص الذي يتعامل مع المجتمع ويمثّله شخص آخر، غير الشخصيّة التي خلقها الله تعالى له ويحسّ بها ويشعر بها، إنّه في المجتمع الجاهلي يضطرُّ لأن ينتزع نفسه من ارتباطه بالله تعالى ومن أخلاقه وقيمه التي أودعها الله تعالى في نفسه ومن عاطفته وضميره… فهو يشعر أنّه غريب عن نفسه، غريب عن هذا الإنسان الذي يمثّله في التحرّك في المجتمع، وغريب عن مجتمعه وحضارته، هذه الحضارة التي تتنكّر لقيمه وأخلاقه وفطرته وضميره وعاطفته، وأنّه ليس هناك ما يربط بينه وبين هذه الحضارة وهذا المجتمع فهي شيءٌ آخر ليس من سنخ تكوينه وشخصيّته الحقيقيّة التي يعمل هذا المجتمع على عزلها وضمورها.

ولو أنّ الإنسان أجال النظر في تصرّف الناس وحركتهم في المجتمعات الغربيّة والشرقيّة الجاهليّة المعاصرة لاستطاع أن يلمس هذا الشعور بالغربة في حياة الإنسان المعاصر بوضوح، مسكين هذا الإنسان غريب عن نفسه وغريب عن مجتمعه وغريب عن أهله وأسرته، ويشعر أنه شيءٌ ضائع في هذا الخضمّ البشري، أرأيت لو أنّ إنساناً دخل بلداً غريباً لا يعرف فيه أحداً ولا يعرفه فيه أحد ولا يعرف أخلاقهم وعاداتهم وأعرافهم ولا يلتقي فيه بأحد يتعاطى معه المعرفة والصلة والمحبّة… كذلك الإنسان المعاصر في خضمّ هذه الحضارة الجاهليّة وفي خضمّ هذا المجتمع البشري الكبير وفي خضمّ نفسه المتلونَة بهذه الحضارة يغدو ويروح ويتحرّك مع الناس من دون ثقة ومن دون عاطفة ومن دون ضمير، ويشعر أنّ هذا المجتمع يخلو من هذه العناصر جميعاً، وأنّ تكوينه وشخصيّته تختلف اختلافاً كليّاً عن هذا الإنسان الذي يمثّله في التحرّك في المجتمع أولا وعن هذا المجتمع وأعرافه وأُصوله ثانياً، وأنه غريب لا يعرف أحداً ولا يعرفه أحد.

فرار الإنسان من نفسه

وعندما يصبح هذا الشعور بالانشطار النفسي والغربة عن النفس والمجتمع وهذا الصراع الداخلي الحاد قويّاً لا يطيقه الإنسان يلجأ للفرار من نفسه، ويلقي بنفسه في أحضان المجون والخلاعة والمسكرات والمخدّرات واللهو لينسي نفسه، وليفرَّ من نفسه.

وما أكثر بؤس وشقاء هذا الإنسان: فلو أنه عاد إلى الله تعالى لأعاد الله تعالى إليه شخصيّته ولردَّ الله تعالى إليه (وهو التوّاب الرؤوف بعباده) ما سلبته الحضارة الجاهليّة من شخصيّته، ولكن أعرض ونأى بوجهه عن الله تعالى فزاد بؤسه وشقاؤه ومعاناته كالغريق الذي يغوص في أوحال المستنقع، كلّما تحرّك أكثر للفرار والنجاة غاص أكثر في أوحال هذا المستنقع.

وكانت نتيجة ذلك شيوع المخدّرات والمسكرات واللَّهو والمجون في حياة الإنسان، وتسابق الإنسان إلى هذه الوسائل للفرار من نفسه ولنسيان واقعه المضني والمتعب ونسيان نفسه والتخلّص الموقّت من ضغط الكينونة الإنسانية والفطرة والضمير على نفسه.

والذي ينعم النظر في إقبال جماهير الشباب في الحضارتين الجاهليّتين القائمتين اليوم على اللَّهو والمجون والأفلام الخليعة المسكرات والمخدّرات والعبث والعنف والمغامرات والسرعة والطيش يطمئنّ إلى أن البواعث الحقيقيّة لهذه الظواهر الشاذّة في حياة الشباب في الغرب والشرق هي محاولة الإنسان المعاصر الفرار من نفسه ونسيان نفسه بعد أن وصل حدّاً في هذه الحضارة كاد أن لا يطيق نفسه.

الانتقام

وأخيراً، إنّ هذه الحركة الحضاريّة التي تشبه الانجراف والتي أدّت إلى سقوط الإنسان في المستنقع الحضاري جرّت الإنسان إلى موضع الانتقام من الحضارة والمجتمع ومن نفسه، فهو يشعر أنّ هذه الحضارة تنكّرت لـه وسلبته قيمه وأخلاقه وفطرته وضميره واعتدت على إنسانيّته وتجاوزت عليه وقضت على الشطر الأهم من شخصيّته وأخلّت بتوازنه في الحياة وحرفته عن مسيرة الفطرة والخلقة والتكوين… كل ذلك يشعر به الإنسان المعاصر شعوراً خفيّاً ويعاني منه معاناة قاسية في الأعماق غير المرئيّة من شعوره ونفسه… ويتحوّل هذه الشعور وهذه المعاناة إلى غضب ونقمة على هذه الحضارة وعلى هذا المجتمع وتتحوّل هذه النقمة إلى رغبة عجيبة في الانتقام من الحضارة ومن المجتمع… الانتقام من الحضارة التي جرَته إلى هذا السقوط المهيب، والانتقام من المجتمع الذي أغلق عليه أبواب القيم والأخلاق ودفعه إلى أحضان الرذيلة دفعاً، وأثار فيه كل كوامن الرذيلة والعنف.

إنّ إمعان الإنسان المعاصر في دفع المجتمع إلى أحضان الرذيلة والعنف وإلى الحروب المدمّرة وإلى الثراء الفاحش والإجحاف بالضعاف من الناس وتعميق الهوّة بين الطبقات الاجتماعيّة يكشف عن حالة انتقام في عمق نفس الإنسان.

إنّ أعمال العنف والاغتصاب وشبكات الإجرام الواسعة في الغرب عامّة وفي أمريكا بشكل خاص وازدياد وتصاعد أعمال العنف والقتل تكشف عن هذه الرغبة الكامنة والغامضة في الانتقام من الآخرين ومن الحضارة ومن المجتمع.

وقد يتّفق كثيراً في الغرب والشرق الجاهليين أنّ إنساناً يشهر السلاح في الشارع العام أو في المطاعم والمحلاّت العامّة فيقتل جمعا من الناس من دون سبب ومن دون معرفة بهم فيحير علماء النفس والمجتمع في تفسير هذه الظاهرة وتوجيهها.

أمّا نحن فنرى في مثل هذا الإنسان رغبة عجيبة في الانتقام من الحضارة والمجتمع انتقاماً عشوائيّاً، وقد ينتحر الإنسان (وحالاته كثيرة جدّاً في الحضارتين الجاهليّتين المعاصرتين) من غير عجز في المعيشة ومن غير فشل في الحياة، وقد ينتحر وهو في قمّة المجد والمال والسلطان.

أمّا نحن فلا نحير لحظة واحدة في تفسير ظواهر الشذوذ هذه في حياة الإنسان المعاصر.

إنّه اليأس، وإنّه الفراغ الهائل الذي يجده في حياته والذي كان يتصوّر أنّ المال والسلطان وبريق المجد المزيف واللَّذات الحيوانيّة تملأُهُ، فلمّا تيسّرت له وجد عجباً وهو أن هذا الفراغ باق في حياته وأنّ ثمّة حاجة ملحّة وقويّة لا تسدّها اللَّذات والشهوات والمال والمجد والسلطان، وأنه الشعور بالضياع والتيه والخسارة في وسط هذه الحضارة الصاخبة.

وأخيراً العمل على إنهاء هذه المعاناة القاسية التي يعاني منها وهذا البؤس والشقاء والإحساس بالخيبة والخسارة عن طريق الانتحار والانتقام من نفسه.

ولا عجب فإنّ الإنسان ينتقم من نفسه في مرحلة من مراحل هذا الصراع الداخلي.

وبعد فتلك لمحات سريعة من معاناة الإنسان المعاصر وصراعه مع نفسه وانتقاده للأمن والسلام داخل نفسه ومع نفسه ومعاداته لنفسه وتنكّره لها ولفطرته وضميره وقيمه… وهذه المعاناة من أسوأ أنواع المعاناة ومن شرّ أنواع الابتلاء في حياة الإنسان.

أمّا الإسلام فيدعو الإنسان إلى أن يعيش مع نفسه بسلام، فيستجيب لفطرته وعقله وضميره وعاطفته وخلقه وروحه، كما يدعو إلى الاستجابة المعتدلة لحاجات جسده وغرائزه وميوله وشهواته وأهوائه في توازن وتعادل فيعيش مع نفسه بسلام وأمن، ذلك أساس كل سلام في حياة الإنسان، فأول خطوة في الأمن والسلام، وأساس كل أمن وسلام في حياة الإنسان أن يعيش مع نفسه في أمن وسلام، وحيث يفقد الإنسان الأمن والسلام في نفسه ومع نفسه فلا ينفعه أمن وسلام.

إنّ السلام مع النفس مسألة أساسيّة وحياتيّة ومهمة جدّاً في حياة الإنسان، والإسلام يولي هذه المسألة اهتماماً بالغاً ويرفعه شعاراً في مجال تعامل الإنسان مع نفسه وحتى في ختام الصلوات والإعلان عن التحيّات والسلام يدرج الإسلام السلام على الإنسان نفسه في ضمن هذه التحيّات: (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين).

فالسلام أولا منّا علينا ثم السلام منّا بعد ذلك على عباد الله الصالحين، ومن ذلك سلام المسيح عيسى بن مريم على نفسه حيث يقول:

{وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا}[17].

فهناك إذن طريقتان في تعامل الإنسان مع نفسه: التعامل بسلام، والتعامل العدواني والجائر والظالم، وعدوان الإنسان على نفسه وسعيه للإجهاز عليها وإهلاكها والقضاء عليها والمكر بها.

والطريقة الأولى في التعامل مع النفس هي الحياة الطيّبة التي يدعو إليها القرآن الكريم حيث يقول:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}[18].

والطريقة الأخرى في التعامل مع النفس هي الطريقة التي تستدرج الحضارة الجاهليّة الإنسان إليها في عداء الإنسان لنفسه وصراعه معها وتنكّره لنفسه وتحفزه للقضاء عليها.

والإسلام يطرح لأول مرّة في تأريخ الفكر هذا الصراع الداخلي في نفس الإنسان، وهذا الصدام الذي يحدث بين الإنسان ونفسه وهي مسألة دقيقة وحسّاسة وخطيرة وخافية على الكثيرين، والعجيب أنّ الدراسات التي تتابعت بعد القرآن في المسائل الحضاريّة لم تتنبه إلى هذه المسألة الحسّاسة والخطيرة التي يطرحها القرآن الكريم بشكل واضح في صراع الإنسان مع نفسه وعدائه لها.

فأين يكمن ـ يا ترى ـ هذا العدوّ الداخلي الذي يجرّ الإنسان إلى هذا الصدام والصراع مع نفسه؟ إننا لو استطعنا أن نضع أصابعنا على هذا العدوّ الكامن في أعماق نفوسنا ونشخِّصه لاستطعنا أن نتجنّب هذه المحنة الحضاريّة، وهذه المأساة التي يقع فيها الإنسان والمعاناة القاسية والطويلة التي يعاني منها الناس في الحضارات الجاهليّة، فهناك ولا شكّ عدوّ في داخل نفس الإنسان يتربّص الدوائر بالإنسان، يظهر على ساحة النفس ويسعى للعمل على السيطرة على النفس وإخضاع الإنسان وتطويعه لرغباته، ويعمل على عزل العناصر، التي عددناها في البعد الآخر من شخصيّة الإنسان، عن ساحة النفس، وفرض السيطرة والنفوذ على نفس صاحبه.

هذا العدوّ الكامن في عمق نفس الإنسان هو أساس هذه المحنة والمأساة في حياة الإنسان، فإذا ما عرفه الإنسان وتمكّن منه استطاع أن يتجنّب كل هذه المحنة والمأساة.

ولنرجع مرّة أخرى إلى النصوص الإسلامية لنرى كيف تحدد هذا العدوّ الكامن في النفس والذي يسلب الإنسان أمنه وسلامه مع نفسه.

إنّ النصوص الإسلامية تشخّص بدقّة هذا العدوّ الداخلي وتؤكّد أنه (الهوى) الكامن في نفس كل إنسان، فقد ورد في الحديث: «أعدى عدوّك نفسك التي بين جنبيك»[19].

والمقصود بالنفس التي بين جنبي الإنسان: الهوى.

وعن الإمام الصادق “ع” أنه قال: «إحذروا أهواءكم كما تحذرون أعداءكم، فليس شيءٌ أعدى للرجال من اتّباع الهوى»[20].

وعن الإمام علي “ع” أنه قال: «غالب الهوى مغالبة الخصم خصمه، وحاربه محاربة العدوّ عدوّه»[21].

وهذا العدوّ الذي يكمن في عمق نفس الإنسان هو الذي يفسد على الإنسان حياته ويحوّلها إلى قطعة من العذاب المتصل، ويهلكه ويفقده الاستقرار والراحة والطمأنينة والسعادة في حياته كما يعمل أيُّ عدوّ تجاه عدوّه.

ولكي يَسْلَم الإنسان من هذا العذاب والعناء المتصل… يعتقد بعض المذاهب أنّ علاج المشكلة يكمن في اجتثاث الشهوات والأهواء من جذورها وإماتتها والقضاء الكامل على نشاطها ودورها في حياة الإنسان.

ولكنّ الإسلام لا يصحح هذا الاتجاه (التربوي) على الإطلاق ويرى أنّ هذا اللَّون من العلاج انهزام من مواجهة العدوّ وليس مواجهة لهذا العدوّ.

والموقف الصحيح من هذا العدوّ الداخلي هو فرض السيطرة عليه وتنظيم دوره ونشاطه في حياة الإنسان وتعديله وتهذيبه وتحديده… وليس إماتته والقضاء النهائي عليه وإلغاء دوره بصورة نهائيّة في حياة الإنسان.

والنصوص الإسلامية تصرّح وتشير إلى هذه الحقيقة بصورة مختلفة فتقول:

عن الإمام علي “ع” أنه قال: «غالبوا أنفسكم على ترك العادات تغلبوها، وجاهدوا أهواءكم تملكوها»[22].

وعن الإمام الصادق “ع” أيضاً أنه قال: «من ملك نفسه إذا غضب وإذا رغب وإذا رهب وإذا اشتهى حرَّم الله جسده على النار»[23].

وعن الإمام علي “ع” أنه قال: «من ملك نفسه علا أمره، ومن ملكته نفسه ذلّ»[24].

وعنه “ع” أيضاً أنه قال: «طوبى لمن غلب نفسه ولم تغلبه، وملك هواه ولم يملكه»[25].

فالموقف الصحيح إذن من هذا العدوّ الداخلي ليس أن يميت الإنسان نفسه وهواه وشهواته، وإنّما أن يملكها بفرض سلطانه عليها ويحدد دورها وعملها.

والفرق الكبير بين المتّقين من الناس وغيرهم أنّ أفراد الطائفة الأولى يملكون أهواءهم وشهواتهم، بينما أفراد الطائفة الثانية تملكهم أهواؤهم وشهواتهم.

فإذا استطاع الإنسان بمجاهدة النفس وترويضها أن يطوّع نفسه ويتمكّن منها ويفرض عليها حدود الله تعالى فإنّ ساحة النفس تخلص من الفساد والأضرار التي يسببها هذا العدوّ الداخلي، وتنقلب حياة الإنسان من عذاب وفساد إلى حياة طيّبة مباركة: «من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينّه حياة طيِّبة…»[26].

ولكن لا تنتهي المشكلة عند هذا الحد وإنّما تبقى لها ذيول وتبعات وآثار تقلق حياة الإنسان وتكدّر صفو نفسه وتشوّش عليه وتسلبه الراحة والطمأنينة، وهذه التبعات تأتي نتيجة المخالفات والمعاصي التي ارتكبها في فترة من فترات حياته، ولا شكّ أنّ هذه المخالفات والمعاصي تترك في نفس الإنسان آثاراً سيّئة حتى بعدما يتغلّب على هواه بشكل كامل، كما تحول أحياناً بين الإنسان والسكون والاستقرار النفسي، وتخلق في نفسه جوّاً من الصراع النفسي والعذاب الذي يسببه له توبيخ (الضمير).

وتوبيخ الضمير عامل فعّال في تقويم سلوك الإنسان وردعه عن السيّئات والمخالفة، ولكنّه في نفس الوقت يسبب لـه الكثير من القلق والعناء والعذاب النفسي المتّصل الذي يعكّر عليه صفو أجوائه النفسيّة.

وقد جعل الإسلام (التوبة) وسيلة لراحة الضمير والنفس، وفتح الله تعالى على عباده الخاطئين باب التوبة ليمنحهم الأمن من العذاب، وليمنحهم الاستقرار والراحة، وليبعث في نفوسهم الإحساس بالسلامة والاطمئنان، ويدعوهم جميعاً إلى التوبة والعودة إليه تعالى فيقول:

{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[27].

{وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ}[28].

{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى}[29].

وبهذه الصورة الرائعة يوفّر الإسلام للناس جميعاً الحياة الطيّبة مع أنفسهم وسلامة النفس وراحتها واستقرارها، ويخلّص النفوس من العذاب والعناء والصراع، ويوفّر للناس فرصة طيّبة ليعيش الناس مع أنفسهم في سلام وراحة.

أقرأ ايضاً:


المصادر والمراجع

  • [1] ـ فاطر: 32.
  • [2] ـ الصافّات: 113.
  • [3] ـ آل عمران: 117.
  • [4] ـ الطلاق: 1.
  • [5] ـ يونس: 23.
  • [6] ـ البقرة: 187.
  • [7] ـ الأنفال: 27.
  • [8] ـ الزمر: 15.
  • [9] ـ الأعراف: 9 والمؤمنون: 103.
  • [10] ـ الزمر: 53.
  • [11] ـ التوبة: 85.
  • [12] ـ الأنعام: 26.
  • [13] ـ الأنعام: 123.
  • [14] ـ تبيّغ الدم بصاحبه إذا هاج .
  • [15] ـ نهج البلاغة ـ تعليق الشيخ محمد عبده ط.مصر ص448 ـ 449. وبحار الأنوار ج40 ص336 ـ 337.
  • [16] ـ الأنفال: 24.
  • [17] ـ مريم: 33.
  • [18] ـ الأنفال: 24.
  • [19] ـ بحار الأنوار ج67 ص64.
  • [20] ـ بحار الأنوار ج70 ص82.
  • [21] ـ غرر الحكم.
  • [22] ـ غرر الحكم.
  • [23] ـ بحار الأنوار ج78 ص243.
  • [24] ـ غرر الحكم.
  • [25] ـ غرر الحكم.
  • [26] ـ النحل: 97.
  • [27] ـ النور: 31.
  • [28] ـ الشورى: 25.
  • [29] ـ طه: 82.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى