الجهاد في الإسلام
قيمة الجهاد
عن عقيل الخزاعي أن أمير المؤمنين عليه السلام كان إذا حضر الحرب يوصي المسلمين بكلمات فيقول:…ثم إن الجهاد أشرف الأعمال بعد الإسلام وهو قوام الدين، والأجر فيه عظيم، مع العزة والمنعة، وهو الكرة فيه الحسنات والبشرى بالجنّة بعد الشهادة، وبالرزق غداً عند الربّ والكرامة، يقول الله عزَّ وجلّ ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ﴾ 1، ثم إن الرعب والخوف من جهاد المستحق للجهاد والمتوازرين على الضلال ضلال في الدين، وسلب للدنيا مع الذل الصغار، وفيه استيجاب النّار بالفرار من الزحف عند حضرة القتال، يقول الله عزَّ وجلّ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَار﴾ 2، فحافظوا على أمر الله عزَّ وجلّ في هذه المواطن التي الصبر عليها كرم وسعادة، ونجاة في الدنيا والآخرة من فظيع الهول والمخافة فإنّ الله عزَّ وجلّلا يعبأ بما العباد مقترفون في ليلهم ونهارهم، لطف به علماً، فكل ذلك في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى، فاصبروا وصابروا واسألوا النصر، ووطنوا أنفسكم على القتال، واتقواالله عزَّ وجلّ فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.
عن عثمان بن مظعون قال: قلت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:إنّ نفسي تحدثني بالسياحة وأن ألحق بالجبال، فقال:يا عثمان لا تفعل فإن سياحة أمّتي الغزو والجهاد.
عن الفضل بن شاذان، عن الرضا عليه السلام في كتابه إلى المأمون قال:والجهاد واجب مع الإمام العادل.
عن منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:أي الأعمال أفضل ؟ قال:الصلاة لوقتها، وبر الوالدين، والجهاد في سبيل الله.
عن إسماعيل بن جابر، عن جعفر بن محمد، عن آبائه عليهم السلام، عن علي عليه السلام في بيان الناسخ والمنسوخ، قال:إنّ الله عزَّ وجلّ لما بعث محمداً صلى الله عليه وآله وسلم أمره في بدو أمره أن يدعو بالدعوة فقط، وأنزل عليه ﴿وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُم﴾ 3 فلما أرادوا ما همّوا به من تبييته أمَرَه الله بالهجرة وفرض عليه القتال، فقال ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ 4ثم ذكر بعض آيات القتال إلى أن قال فنسخت آية القتال آية الكف، ثم قال: ومن ذلك أنَّ الله فرض القتال على الأمة فجعل على الرجل الواحد أن يقاتل عشرة من المشركين، فقال ﴿إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ﴾5 ثم نسخها سبحانه فقال: ﴿الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْن﴾6، فنسخ بهذه الآية ما قبلها فصار فرض المؤمنين في الحرب إذا كان عدة المشركين أكثر من رجلين لرجل لم يكن فاراً منالزحف وان كان العدة رجلين لرجل كان فاراً من الزحف.
آثار الجهاد
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:الخير كله في السيف، وتحت ظل السيف، ولا يقيم الناس إلا السيف، والسيوف مقاليد الجنّة والنّار.
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:…فمن ترك الجهاد ألبسه الله ذلاً وفقراً في معيشته، ومحقاً في دينه، إنّ الله أغنى أمتي بسنابك خيلها، ومراكز رماحها.
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: جاهدوا تغنموا.
كتب أبو جعفر عليه السلام في رسالته إلى بعض خلفاء بني امية: ومن ذلك ما ضيع الجهاد الذي فضله الله عزَّ وجلّ على الأعمال، وفضل عامله على العمال، تفضيلا في الدرجات والمغفرة، والرحمة لأنه ظهر به الدين، وبه يدفع عن الدين، وبه اشترى الله من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بالجنّة، بيعاً مفلحاً منجحاً، اشترط عليهم فيه حفظ الحدود، وأول ذلك الدعاء إلى طاعة الله من طاعة العباد، والى عبادة الله من عبادة العباد، وإلى ولاية الله من ولاية العباد.
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الجهاد أفضل الأشياء بعد الفرائض.
عن أمير المؤمنين عليه السلام:أما بعد فإن الجهاد باب من أبواب الجنّة فتحه الله لخاصة أوليائه إلى أن قال هو لباس التقوى، ودرع الله الحصينة، وجنته الوثيقة، فمن تركه ألبسه الله ثوب الذل، وشمله البلاء، وديِّث 7بالصغار والقماءة8 ، وضرب على قلبه بالأسداد، وأديل الحق منه بتضييع الجهاد، وسيم الخسف، ومنع النصف.
عن أمير المؤمنين عليه السلام:إن الله فرض الجهاد وعظمه وجعله نصره وناصره، والله ما صلحت دنيا ولا دين إلا به.
عن أبي عبد الله عليه السلام قال:قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أغزوا تورثوا أبنائكم مجداً.
عن أبي جعفر عليه السلام قال: الخير كله في السيف، وتحت السيف، وفي ظل السيف.
قال الرواي: وسمعته يقول: إن الخير كل الخير معقود في نواصي الخيل إلى يوم القيامة.
أقسام الجهاد
عن فضيل بن عياض قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الجهاد أسنَّة هو أم فريضة ؟ فقال: الجهاد على أربعة أوجه، فجهادان فرض، وجهاد سنَّة لا تقام إلا مع الفرض، وجهاد سنَّة، فأما أحد الفرضين فمجاهدة الرجل نفسه عن معاصي الله عزَّ وجلّ وهو من أعظم الجهاد، ومجاهدة الذين يلونكم من الكفار فرض، وأما الجهاد الذي هو سنَّة لا يقام إلا مع فرض فإن مجاهدة العدو فرض على جميع الأمة ولو تركوا الجهاد لأتاهم العذاب وهذا هو من عذاب الأمة، وهو سنَّة على الإمام وحده أن يأتي العدو مع الأمة فيجاهدهم، وأما الجهاد الذي هو سنَّة فكل سنَّة أقامها الرجل وجاهد في إقامتها وبلوغها وإحيائها فالعمل والسعي فيها من أفضل الأعمال، لأنها إحياء سنّة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من سنَّ سنَّةً حسنةً فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شيء.
عن أبي البختري، عن جعفر بن محمد الصادق عليه السلام، عن علي عليه السلام قال: من رد عن المسلمين عادية ماء أو نار أو عادية عدوٍ مكابر للمسلمين غفر الله له ذنبه.
المرابطة
عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليه السلام قالا: الرباط ثلاثة أيام، وأكثره أربعون يوماً، فإذا جاوز ذلك فهو جهاد.
المصدر: الجهاد في الاسلام، سلسلة جهاد الأعداء – تراثيات إسلامية، نشر جمعية المعارف الاسلامية.
المصادر والمراجع
1-آل عمران:169
2-الأنفال:15
3-الأحزاب:48
4-الحج: 3
5-الأنفال:65ن
6-الأنفال:66
7-ديث:ذلل (الصحاح ديث 1: 282 ).
8-القماءة:الذلة (الصحاح قمأ 1: 66 ).