مقدمة:
لا بد للمجاهد أن يستفيد من فترة حريته وبقائه بعيدًا عن أعين أجهزة العدو، فعليه في هذه الفترة أن يرتب أوراقه ويعد احتياجاته ولوازم عمله، ففيما لو صار مطاردًا فإنه يقدر على الحركة ومواصلة عمله وتجاوز عقبة المطاردة، أما من لا يحسب حسابًا لذلك اليوم فإنه لو وقع فيه فسيظل كالمشلول لا يستطيع العمل وسيبقى مختبئًا طوال الوقت، ومعتمدًا على غيره في كل شيء.
أساليب مقاومة المطاردة
أولا: عدم الوقوع فيها
إن أفضل وسيلة لمقاومة المطاردة هي تجنب حصولها، كما يقال: الوقاية خير من العلاج، وهذا يتطلب من المجاهد عملًا دقيقًا، وأن يكون حذرًا من أي تغير حوله، وأن يتخذ كامل الاحتياطات الأمنية في كل عملية بألا يترك أي أثر خلفه، ومن المفيد هنا أن نشير إلى أمور قد توقع المجاهد:
- الكاميرات الأمنية: العدو يعتمد على الكاميرات بشكل رئيسي، وقد غطى شوارع البحرين الرئيسية والرابطة بين المناطق بهذه الكاميرات، وأيضًا زود المناطق الحيوية بها، فهي تعطي لوزارة الداخلية متابعة حية طوال اليوم، وهنا قد تنكشف السيارة التي يستقلها المجاهد بعد العملية ويتمكن العدو من معرفة خط سيرها منذ بدايته إلى نهايته، ولذلك يجب أن تكون لوحة السيارة مزورة وأن يستر المجاهد وجهه عن الكاميرات وأن يتجنب المرور عليها قدر الإمكان.
- الهاتف: الجاسوس الصغير الذي تحمله معك دائمًا، يجب الحذر من الاتصال بالهاتف في منطقة العملية، بل مجرد بقائه مع المجاهد نحو من المخاطرة، فإن كل برج اتصال تمر عليه سيستقبل اشارات الهاتف، وبالتالي يمكن تحديد موقع الهاتف وقت العملية وتجميع خيوط يمكن أن تكشف المجاهد.
- أجهزة التنصت والمراقبة: الجهاز المخابراتي يستعين بالعدو البريطاني والأمريكي في تزويده بمعدات وأجهزة المراقبة، وهي متنوعة، ومن إحدى الحوادث ههنا أن أحد الناشطين السياسيين لاحظ أن بطارية سيارته تتعطل بسرعة، وتكرر هذا الأمر إلى أن اكتشف في سيارته جهاز تحديد الموقع وهو موصول بالبطارية.
ثانياً: الاطلاع على تجارب السابقين
ليس من الحكمة أن يبدأ كل مجاهد من الصفر في خبرته ومعرفته لما سيمر به من ظروف وأحوال وما يستوجب عليه القيام به حيال ذلك.
إن خير وسيلة لنجاح أيّ عمل إداري أو تنظيمي أو أي عمل آخر أيًا كان شكله هي الاستفادة من الخبرات السابقة والبدء من حيث انتهى أصحاب التجارب الماضية، وهذا يستوجب المجالسة والاستماع ومناقشة أصحاب الخبرة، والاطلاع الدائم على ما وثقه أولئك الأشخاص من الدراسة والتحليل وما توصلوا إليه من نتائج، ومن المفيد أيضًا الاطلاع على تجارب الأمم والاستفادة من مدارسهم المقاومة كالمدرسة الفيتنامية والكوبية والصينية.
ثالثاً: توسيع شبكة الأصدقاء والمعارف
على المجاهد توسيع شبكة علاقاته مهما أمكن بحيث تشمل عدة مناطق، ومن عدة فئات، ولتكن العلاقة مع البعض منهم مخفية أي لا أحد يعلم أو يتوقع علاقة المجاهد بذلك الشخص، وليتجنب المجاهد اللجوء إلى أقاربه وأصدقائه المكشوفين، وحينئذٍ إذا اضطر المجاهد عند مطاردته إلى التنقل بين المناطق أو الخروج من منطقته فإنه سيجد إخوة يمكنه الاعتماد عليهم ويوفرون له ما يحتاجه من إمكانات ودعم لوجيستي في مهامه الجهادية.
رابعاً: إعادة التموضع
إعداد شبكة العاملين مع المجاهد وتجهيزها لكل طارئ وجديد، فالمطاردة قد تحصل فجأة، فإن كان المجاهد ومجموعته مستعدين للتعامل مع مثل هذه الظروف فإنهم سيتكيفون ويتأقلمون مع المرحلة، وإلا فسيجد كل واحد منهم نفسه طريدًا لا يجد من يؤويه أو يقدم له المساعدة أو يوصل له خطوط عمله، ولهذا فإن على المجاهد ومجموعته مراعاة هذه الأمور:
- التدرب باستمرار على وضع المطاردة، ووضع الخطط البديلة وتفعيل وضع الطوارئ.
- إعداد نقاط التقاء، وتحديد نقاط البريد الميت.
- العمل على معالجة الثغرات الأمنية التي يمكن أن ينفذ منها العدو بأسرع وقت ممكن.
خامساً: توفير الأدوات الضرورية
لكيلا يضطر المجاهد إلى الخروج كثيرًا ويتعرض للخطر، ولكيلا يحتاج إلى غيره في كل شيء لابد أن يوفر لنفسه المستلزمات الضرورية للعمل، وهذه المستلزمات تختلف بحسب طبيعة مهمات المجاهد، فبعضهم يكفيه سلاح وعدد من المخازن، وبعضهم تلزمه وسائل الإتصالات والربط، وبعضهم تلزمه التقارير والمعطيات الميدانية، وهكذا.
سادساً: معرفة المنطقة
وهي من الأمور المهمة التي تسهل حركة المجاهد بشكل كبير وتتيح له انتخاب الساتر الأمني المناسب في تحركاته ومهماته، ويدخل في معرفة المنطقة:
- معرفة المداخل والمخارج والطرق الرئيسية والفرعية.
- معرفة نقاط تواجد العدو والمؤسسات التابعة له وبيوت المقربين منه والمحسوبين عليه، والنقاط التي يضعف فيها تواجد العدو.
- معرفة النقاط الحيوية كالأسواق والمدارس والحدائق، والنقاط الميتة كالمقابر.
- معرفة مذهب سكان المنطقة وعاداتهم اليومية وأنشطتهم العامة وانتماءاتهم السياسية والفكرية.
- معرفة المستوى المعيشي للسكان من الفقر والغنى، وطبيعة السيارات التي يستعملونها والألبسة التي يلبسونها.